في إحصائيات متتابعة لعدد مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي خاصة خدمة «تويتر» تبيّن ان المملكة تصدّرت الوطن العربي عام 2011 بناءً على نسبة السكان مع عدد المنضمّين للخدمة وفي إحصائيات فرعية أخرى ظهر أن التفاعل الحيوي والمكثف يتقدّم فيه السعوديون نظراءهم وفقًا لذات النسبة - عدد الشعب مع نسبة المتفاعلين وأنهم (أي المنتسبين السعوديين) متواجدون بكثافة على ساحة التويتر الخصبة، مع العلم أن حراك تويتر وانتشاره الكبير ظاهرة عالمية متفاعلة بقوة على المستويين الدولي والعربي معًا وتُشكّل احدى أهم ظواهر العصر الحديث وثورة التكنولوجيا العلمية وفورة الاتصالات، وهذه الظاهرة تضغط بشدة على وسائط الإعلام التقليدي حتى تكاثرت إعلانات وقف النسخ الورقية لصحف كبيرة وإغلاق بعضها. فيما توجّهت مصادر أخرى إلى ذات التقنية في تعزيز مواقعها أو المحافظة عليها أي النقل من التويتر وعنه إضافة لانتسابها بموقع على التويتر والفيس بوك، وتتفاعل صفحاتها مع حسابات المغرّدين المشاهير على مستوى العالم وهنا محليًّا على مستوى الوطن السعودي، وواضح لدينا كأحد الخائضين للتجربة قوة وانتشار وسرعة تفاعل الشباب والشابات السعوديات مع عالم تويتر وتشكيل برلمان افتراضي على المستوى الوطني جسَّد أقوى أدوات الرقابة والمتابعة والنقد منذ تأسس الكيان الوطني، وخلق أرضية مشتركات ضخمة، ومنهجية حوار عاصفٍ أو متوافق بين تيارات عدة، مع تقعيده العفوي لسلسلة من المفاهيم الوطنية الحقوقية والإنسانية للمجتمع المدني السعودي أضحت قواعد لشعب «تويتر» كما يُسمّى عند البعض، وقد اضطرت أسماء كبيرة للتفاعل معه أو الخضوع لقواعده أو مراعاته أو السعي للتشويش عليه بذات الآليات. تُظهر المؤشرات العملية والمتابعة الميدانية حجم الوعي والتفاعل ورفع السقف المطرد لشريحة الشباب ومستوى الحرية الذي يُعطي دلالة بأن احتواء مثل هذه المساحة والصعود الكبير بالحجب أو التشويش هو خطأ مرحلي قد يتطوّر إلى استراتيجي مضرّ بالمصلحة الوطنية العليا. وترى الباحثة الإماراتية د. ابتسام الكتبي أن «تويتر» السعودي لم يعُد من وسائط الإعلام الجديد فقط بل أضحى يُشكّل إحدى مؤسسات المجتمع المدني الفعّالة في قطره المحلي والخليجي – وتظهر قوة التويتر السعودي في حيويّته على الساحة العربية أيضًا وشراكته في ملفاتها الرئيسية والارتداد الإيجابي لجمهور عربي من هذه الدول يتفاعل مع المشاركة السعودية معه، كما يتفاعل السعوديون مع مشاركات تويتر العربي أيًّا كانت دولته اختلافًا أو موافقة أو جدلًا. وتُظهر المؤشرات العملية والمتابعة الميدانية حجم الوعي والتفاعل ورفع السقف المطرد لشريحة الشباب ومستوى الحرية الذي يُعطي دلالة بأن احتواء مثل هذه المساحة والصعود الكبير بالحجب أو التشويش هو خطأ مرحلي قد يتطوّر إلى استراتيجي مضر بالمصلحة الوطنية العليا، والأصل أن تتفاعل المؤسسات الرسمية مع هذا الخطاب الصاعد المؤثر في كل ركن من الإعلام الجديد والموجات الشبابية الهادرة وترتفع الوطنية إلى خطاب ولغة ومستوى الحوار والشفافية ودقة المعلومة وكثافتها، وذلك عبر الاعتماد الفوري لمشروع منظمات المجتمع المدني المصنف منذ سنوات، وإعادة قولبة شاملة لمستوى الخطاب الإعلامي ورفع الحرية وسقف التعبير فيه والمبادرة إلى حل جذري للأوضاع المتعثرة في مجالات عدة، والانفتاح على هذا العالم عبر شخصياته وآلياته في البحث عن حلول لمواجهة محيطات الفساد الضخمة. إن أفضل تجربة مرّ بها تاريخ الشعوب هو الاستقبال الإيجابي لموجات التغيير التاريخية التي أثبتت أن مواجهتها هي أسرع طريقة للخسارة وإنما الحل باحتوائها ايجابيًا بفتح الأبواب فعليًّا لها مع التدرّج الفعلي والمؤثر على مسار الحياة الوطنية والاجتماعية بحيث يلمس الشباب آثار التغيير، ويُخرج ملف الإصلاح من بياته الشتوي إلى منافذ يتشارك فيها الشباب لتحقيق نقلة نوعية للوطن فتتحوّل وسائط التحديث إلى روافع عمل وطني لأجل الشعب والدولة معًا، هذا هو التفكير الإيجابي؛ لان القاعدة الفلسفية والواقعية للتجارب من حولنا تقول إن الباب الذي لا يُفتح أمام رياح التغيير قد يُكسر، ولا نريده أن يُكسر في وطننا بل يُفتح فيَفتح على الوطن بالخير والإصلاح.