مشاري بن صالح العفالق - اليوم السعودية كان بمثابة الصدمة للمجهور عندما بث الشيخ سلمان العودة عبر نافذته الإلكترونية على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» خبر إيقاف برنامجه الجماهيري (الحياة كلمة) الذي يعد علامة فارقة في مفهوم الإعلام الهادف والمتزن والمتفاعل مع المجتمع. وفي بداية الأمر أشار الشيخ العودة إلى أن إيقافاً صدر بحق البرنامج ، وأنه لم يتسن له معرفة الجهة والأسباب التي دعت إلى هذا الإيقاف، ولم يكن واضحاً ما إذا كان الإيقاف صدر عن جهة رسمية أو من قبل شبكة تلفزيون الشرق الأوسط (mbc) التي تبث البرنامج الذي استمر لسنوات. وذهبت التفسيرات حول أسباب الإيقاف ومنها ما أشارت إليه صحيفة سبق الإلكترونية، بأنه جاء على خلفية ما ذكره العودة عن أحداث مصر وتونس من جهة، ومطالبته بمحاسبة شديدة للمتسببين في كارثة جدة. لكن تصريحات العودة التي نقلتها صحيفة «أنباؤكم» الإلكترونية أيضا على لسان العودة تقول «لقد أُبلغت بقرار وقف البرنامج دون ذكر الأسباب، ربما كان السبب ما جاء في الحلقتين السابقتين عندما تحدثتُ عن أحداث مصر وتونس وسيول جدة». وأضاف الشيخ العودة: «إن القرار مرتبط بوزارة الإعلام، وقد أُبلغت بوقفه من القناة» وتم نقل هذه المعلومات من إجاباته عن سبب الإيقاف في موقع تويتر أيضا. أما معالي وزير الإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجه فنفى وفق ما نشرته صحيفة اليوم استنتاجات الشيخ بأن الإيقاف مرتبط بالحلقة الأخيرة، وربما أيضاً التي قبلها؛ والتي تحدث فيها عن ثورة مصر وتونس وما قاله إن الأسباب إذا توافرت يمكن أن يحدث هذا في أي بلد آخر، ودعوته إلى معالجة الأسباب بجدية وصدق وإيمان، وكذلك حديثه عن سيول جدة. بل إن الوزير خاطب الدكتور سلمان معاتباً في هذا الخصوص ومشيراً إلى عدم خضوع مجموعة mbc لوزارة الإعلام السعودية، وهو ما أبقى الحلقة مفقودة خاصةً ومتحدثاً باسم القناة نفى إيقاف البرنامج بسبب آراء العودة ، مشيرا إلى أن ما نشرته مواقع الإنترنت غير دقيق..! هنا لنا أن نتساءل بدايةً، ما جدوى إيقاف البرامج ووضع سقف منخفض للحرية في زمن باتت الوسائل التفاعلية أكثر قدرة على متابعة الخبر ونقله، وأنا هنا أوجه السؤال لمن حجب البرنامج سواء جهة رسمية أو داخل القناة، وهل يرى الرقيب أن من المصلحة ترك الشباب متابعة الإعلام الجماهيري إلى الإعلام الجديد؟ ثم إن برنامجاً له جمهور حقيقي في كافة دول العالم، ويتحدث بصوت عقلاني بعيداً عن الطائفية أو التحزبية أو إثارة الفتن إذا خرج إلى قناة غير سعودية مثلاً، هل سيساعد على الحفاظ على نهجه. ثم هل يفترض على الإعلامي أو من يظهر في وسائل الإعلام أن لا يغطي ولا يتفاعل أو يقدم وجهة نظره في قضايا مصيرية للأمة، أو أن يختص الإعلام الجديد بخطاب آخر أكثر جرأة. وهو ما يفسر أن خبر إيقاف برنامج العودة ، ظهر أولاً في مواقع تواصل اجتماعي أو أخبار إلكترونية في حين ان البرنامج تم إيقافه في قناة تعد الأبرز في الإعلام الجماهيري، بطريقة غير واضحة، الأمر الذي يدعونا لتأمل مستقبل مصداقية وسائل الإعلام الجماهيري لدى أوساط الجمهور، وخاصة من الشباب الذين يجولون أروقة الإنترنت يومياً. وإن كان ولابد من سياسة الإيقاف، فالأولى أن لا يصدر بحق من يمارس الخطاب المعاصر والجامع وغير المفتن، في الوقت الذي يعج فيه الفضاء العربي بالبرامج الهدامة التي تبثها العديد من القنوات التي تدعو للفتنة الطائفية والقبيلة والدعوات المقسمة للمجتمع ،، تحياتي.