نجيب الزامل - الاقتصادية السعودية .. من الدكتورة ع. ل وهي أستاذة جامعية: "لِمَ أنت صامت حول ما يدور من شجن حول المرأة؟ لِمَ لا تتكلم وتعلي صوتك، هل تخاف أحدا؟ هل تمالئ الجميع؟ هل تريد أن يرضى عليك من يبررون بالدين؟ أو تريد أن يرضى عنك من يبررون بعيدا عن الدين؟ وكلاهما أضر بنساء الوطن. لست هنا من أجل استرضائك أو دفعك لرأي دون آخر، فأنا لم أصرح عن رأيي حتى لا تتخذه متكأ كعادتك في الإرضاء بطريقة نجيبية معروفة لقفل منافذ النقاش. إني أكتب الرسالة واثقة من شيء واحد، أنك لن تغفلها، ولن تتجاهلها فهذا ليس من شيمك. قل شيئا.. قل أي شيء!". حاضر يا دكتورة، وما أقوله ليس مجرد رأي، ولكنه من واقع تاريخ المرأة بالإسلام، وهنا يكون أقوى من الرأي.. ولا يستحق بعد ذلك رأيي الشخصي أيا كان، وهو ليس كما قد يبدو قفلا لباب النقاش، بل فتحا له بلا جدال كحبل متروك ممسوك بطرف وسائب في طرفه الآخر.. إنه حقيقي لأنه من قلب التاريخ الإسلامي إلا إن كان تاريخنا زائفا، وهنا لن يكون قولي هذا الذي ينطبق عليه الزيف، بل كامل التاريخ.. وهذا لا يجوز. لا يجوز أن نصنف التاريخ صدقا أو افتراء حسب ميولنا وأهوائنا.. نقبله كما هو إلا أن ثبت بطلانه بالعلم المتفق عليه من صناع البحث والعلم المتخصصين. أحب يا دكتورة الأسئلة التي تأتي لي عبر بريدي، وصار السائلون يفتحون لي مواضيع تستحق التأمل والمراجعة وإضافة المزيد، سألني "فاضل العمري" عن مناسبة وقائل هذا البيت: أسدٌ علي وفي الحروب نعامةٌ فتخاء تنفر من صفير الصافر لم أجب السيد العمري بعد، فالسؤال لتوه وكنت سأجيبه بمقتطفات الجمعة القادمة، ووجدتها مناسبة ملائمة جدا للإجابة المباشرة عن سؤلك أو على طلبك. قائل البيت شاعر لم أستطع تذكر اسمه، فلتعذريني يا دكتورة، وليعذرني السيد العمري، وربما تبرع أحدٌ بإبلاغنا، أما المناسبة فأعرفها وأتذكرها جيدا من قراءاتي عن دور المرأة في الإسلام، وأؤكد عليه فيما أكتب في الصحف الأجنبية متى ما تيسر لي ذلك. والمناسبة لها قصة: وهي أن الحجّاج كان جبار عصره، وكان سفاحا لا يعرف الرحمة الإنسانية (واختلف الرواةُ على قوة عقيدته)، وكانت العربُ ترتجف من مجرد ذكر اسمه فكيف بمواجهته. وكانت هناك امرأة كالأسطورة ولكن حقيقية وهي "غزالة الحرورية" صاحبة عقيدة لا تتزلزل، ترأست جيشا - بين أفراده عشرات من النساء اعتقلن الرماح وتقلدن السيوف، دخل الجيشُ على الحجاج في الكوفة، فاضطر الحجاجُ من سطوة الهجوم أن يتحصّن بقصر الإمارة.. لذا عيّره الشاعر بذلك البيت، وأكمله ببيتٍ ثان: هلا برزتَ إلى "غزالة" في الوغى بل كان قلبك في جناحي طائر من يصدق؟ وإن كان المسلمون السابقون يصدقون؟ فنحن لا نجرؤ حتى على التصديق، امرأة تغزو بجيش بينه نساء وتخيف أكبر قائد عسكري بأكبر أمة على الأرض بذلك الزمان؟ هل تصدقين يا دكتورة؟ هل تصدق يا أستاذ فاضل؟ هل أصدق أنا؟ هل تصدقون أنتم؟ ولكنه حدث، وقصص كثيرة حدثت. لم تكن المرأة في الإسلام إلا موصوفة بالقوة وثبات العقيدة، وسلامة العاطفة، وسلامة العاطفة بمعناها الحقيقي الذي هو نقيض ما يقولون عن ضعف المرأة لغلبة العاطفة البلهاء. إن سلامة العاطفة يا دكتورة هي التي جعلت أسماء بنت أبي بكر تقول لابنها، لقطعة فؤادها، كلاما يقلع القلوب: "القتل يا بني أحسن، كم خلودك في الدنيا؟!". المرأة السليمة العاطفة الراسخة الوجدان هي التي أرادها الإسلام، وليست هي التي أضعفناها نحن وضيعنا ثقتها بنفسها وحبسناها روحا مكسورة.. ثم نسينا قوتها الكامنة. الذي يرهقنا.. إنه حتى بعض نساء اليوم نسين ذلك!