على الرغم من حداثة عهده ب"تويتر" إلا أن الدكتور عبدالله الغذامي حقق حضوراً متميزاً، واستقطب في زمن قياسي أكثر من 17 ألف متابع. وبعد أن اكتشف سحر التواصل الاجتماعي في "تويتر" قرر أن يجعل منه منبراً لإطلاق المبادرات المجتمعية الرائدة. نسي الغذامي جدلية الليبرالية وصراع النخب وإشكاليات الحداثة، وأعلن عبر صفحته على "تويتر" عن مبادرة "مسكني" التي من خلالها يدعو ملاك الأراضي للتبرع بأجزاء من أراضيهم لصالح وزارة الإسكان، معتبراً أن توفر الأراضي لبناء مساكن للشباب جزء من حل المشكلة. قبل أن يطلق الدكتور الغذامي مبادرته التي لم يألف الوسط الثقافي مثلها من الأدباء والنقاد، كان المخرج السينمائي السعودي الشاب بدر الحمود ومجموعة مبدعين قد نشروا فيلم "مونوبولي" على "اليوتيوب"، ومن خلاله طرحوا هماً شبابياً يتمثل في مشكلة الإسكان، ولاقى الفيلم رواجاً مذهلاً؛ بحيث تجاوز عدد مشاهديه لغاية اليوم المليون ونصف المليون. وهكذا تلاحم المثقفون مع بعضهم عبر مجموعة طرحت مشكلة صارت حديث المجالس والمنتديات والمسؤولين ورجال الأعمال.. ليكمل الغذامي المشوار بمبادرة وجدت تجاوباً من بعض ملاك الأراضي الذين تبرعوا بمساحات من أملاكهم لصالح المشروع، وما زالت تنتظر من يساهم كي تزداد المساحات السكنية المفترضة اتساعاً؛ فيكبر المشروع ليلبي طموحات الشباب. الجميل في الغذامي أنه لم يطرح مبادرته ويمضي، بل حرص على متابعتها ونقاشها واستقبال الأفكار والمقترحات على "تويتر" كي تظل الفكرة حية وتبلغ أخبارها من لم يسمع بها من المتبرعين المحتملين. يوم الأحد الماضي، فتحت حسابي على "تويتر" فوجدت جملة كتبها الغذامي يقول فيها "أود تذكيركم بأن موعدنا مع موضوع حملة مسكني هو يوم الاثنين من كل أسبوع، وغداً هو يومنا الأول لهذا الموعد الأسبوعي وذلك من أجل التركيز الذهني". قد يختلف الكثير مع الغذامي من الناحية الفكرية، ويتفق معه غيرهم، لكن حسن استخدامه لحسابه على "تويتر" أكد أنه يقدم مثالاً حقيقياً للمثقف الذي يملي عليه واجبه أن لا يبقى بعيداً عن الناس، فيعيش معهم متلمساً قضاياهم الملحة ليوظف أفكاره بما يساعد على حلها. أتذكر منذ سنوات أني اتصلت على الدكتور عبدالله الغذامي في بيته لآخذ منه تصريحاً صحفياً، وسألته عن رقم جواله لأكلمه لاحقاً فأخبرني أنه ما زال يرفض الجوال وتقنياته. ورجحت يومها أن سبب ذلك هو رغبته بالتفرغ للكتابة والنشاطات الثقافية، فالاتصالات الكثيرة قد تربكه في أي مكان يكون فيه.. واليوم اختلفت حالته مع التكنولوجيا، إذ التحم الغذامي مع الكومبيوتر و"تويتر" وهموم المواطنين، وصرنا ننتظر زخمه الكتابي ومبادراته الخلاقة.. فهل يستطيع تحقيق التوازن بين الحالتين؟