كسر الناقد والأديب عبدالله الغذامي الصورة السائدة عن المثقف والأديب السعودي، والتي تظهره في برج عاجي مترِّفعاً عن هموم المعيشة اليومية للمواطن البسيط، ومنشغلاً بمعاركه الثقافية الخاصة، باقتحامه الشأن الاقتصادي من باب أكثر القضايا سخونة على الساحة المحلية، وأطلق عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» مبادرة (مسكني) التي تقوم على حض ملاك الأراضي في المملكة على التبرع بجزء من أراضيهم لحل مشكلة الإسكان، وحدَّد يوم الاثنين من كل أسبوع لتعزيز المبادرة والتواصل مع الناشطين والمهتمين على تويتر لنشر المبادرة على نطاق أوسع عبر الهاش تاق المخصص للحملة (#maskani)، وعن المبادرة التي لقيت أصداء واسعة بين مؤيد ومعارض، يؤكد الغذامي ل»الجزيرة» على أن الهدف الأول للمبادرة هو تحفيز كبار الملاك على التبرع بجزء من أراضيهم لمشاريع الإسكان، للإسهام في حل مشكلة الإسكان، ولخلق ثقافة التكافل والعطاء الإيجابي في المجتمع السعودي، مشيراً إلى أن ملاك الأراضي إذا تفاعلوا مع المبادرة سيشعرون بأنهم ساهموا في حل أزمة مهمة للمواطن السعودي ولن يتعرضون لتأنيب الضمير لأنهم لم يفعلوا شيئاً حيالها وهذا هو معنى ثقافة الإيجاب، بينما الشباب على الطرف الآخر- والحديث للغذامي - سيقدرون هؤلاء التجار وأصحاب الأملاك ولا يشعرون بالغضب منهم تحت اعتقادهم بأنهم السبب في غلاء الأراضي وشحّها، ومن ثم تضييق فرص مشاريع الإسكان، نحن نحتاج إلى معالجة هذين المعنيين بصدق وإصرار.وحول الآلية التي ستسير عليها المبادرة والتي تجاوب معها حتى الآن ثلاثة من المتبرعين بأراضيهم من الناحية القانونية والروتينية يقول الغذامي:» الأخ عصام الزامل (رجل أعمال) تكلّف بتولّي الجانب الإجرائي للمبادرة، الفكرة عندي أنني أقوم بالتحفيز ونشر ثقافة الإيجاب وهذا دوري، والدور الثاني على المتبرع نفسه لأنه المشرف مباشرة على الجانب القانوني ويتولّى التأكد من أنّه يسلِّم أرضه ليد أمينة يشرف عليها هو، وهذه أرقى وأدق الإجراءات وأسهلها أيضاً من النواحي الروتينية» وعن مدى تفاؤله بتحقيق النتائج المرجوة من المبادرة وإمكانية تطبيقها بشكل واسع النطاق، يقول الغذامي: «ليس وارداُ هنا أن نتفاءل أو نتشاءم، الوارد هنا هي الواقعية في النظر إلى نماذج مماثلة للمبادرات ثقافياً وتاريخياً، والذي يثبت أن النجاح دائماً يرتبط بالإيمان التام بالفكرة والإصرار عليها وتجاوز كل العثرات»أضاف: «يحسُن في مشاريع المبادرات ألا نسأل أنفسنا عن مصير المبادرة، لأن هذا سيعيق خطواتنا الأولى»، وقال الغذامي في تعليقه على إشارة بعض الكتاب الاقتصاديين إلى مناقشته الشأن الاقتصادي في تغريداته حول المبادرة: «أقول للاقتصاديين حياهم الله ألف.. ليدخلوا على تخصصنا ويكتبوا في النقد وسأرحب بهم كل ترحيب»، وختم الغذامي حديثه ل»الجزيرة» بتوجيه الشكر إلى «تويتر» قائلاً: «أعطنى الفرصة أن أرد الحق إلى صاحبه أو إلى (صاحبتها) وهي تويتر.. وقلت هي لأنني أؤنث تويتر بما أنني أراها رحماً معطاءً وولوداً، ومنتجةً للأفكار، ومن هنا أقول أن المحفز على هذه المبادرة هي هذه الوسيلة، لأنه من خارج تويتر.. كيف سأفعل؟، لا الكتاب ولا المقال ولا سواليف المجالس تعطيك فرصة لمثل هذه المبادرة، لكن تويتر تجعلك متواصلاً مع قاعدة عريضة وبسرعة شديدة، وتظل تعاود وتعاود والخيار بيدك بينما الورق المطبوع في كتاب أو في جريدة لا يمنحك هذه الخاصية، ومن هنا صارت المبادرة تبعاً لوجود الوسيلة».من جهته أكد الاقتصادي عبدالوهاب أبو داهش تأييده لمبادرة الغذامي بدون تحفظ، لكنه أضاف بأنه يقترح أن تتم دعوة المطورين العقاريين للاستثمار في هذه الأراضي لإنشاء وحدات سكنية بقروض ميسّرة تقدمها لهم الدولة بضمان بيعها للمستهلك النهائي أو تأجيرها بسعر التكلفة، وهذا يدخل في إطار مسؤوليتهم الاجتماعية، وأضاف أبو داهش بأن مبادرة الغذامي دلالة على رغبته في العمل الخيري في قضايا الشأن العام والتي من حق الجميع المشاركة فيها من كافة أطياف المجتمع دون حكرها على اقتصاديين أو مثقفين أو غيرهم، مختتماً حديثه بالتأكيد على أن الدولة لم تهمل أزمة الإسكان، وبادرت بإنشاء وزارة للإسكان وضخ 250 مليار ريال لإنشاء وحدات سكنية في إطار سعيها لحل هذه الأزمة.