عضو هيئة كبار العلماء السؤال ما حكم مشاهدة المسلسلات الإسلامية التي تمثل الصحابة، كمسلسل (القعقاع) الذي يعرض في أم بي سي؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: اعلم أيها السائل أنَّ مما أجمع عليه العلماء أن أحدًا لا يجوز له أن يُقدِمَ على فعلٍ حتى يعلم حكم الله فيه، فالعامِّي يَسأل الفقيه، والفقيه يُسأل عن كثير من الأعمال، ومنها حكم التمثيل، وواجبُهُ أن يُبيِّن حكم الله، إما بالقطع فيما لا خلاف فيه، أوبما يَترجَّحُ لديه فيما هو محلُّ اجتهاد وترجيح. غير أنه إذا أباحَ عملاً مِن الأعمال فإن هذا لا يكفي في إباحته، فالأعمال المباحة قد تَحتفُّ بها بعضُ الأمور المحرَّمة، فيصير العملُ المباحُ محرَّماً، فعقد البيع مثلاً جائزٌ بالإجماع، لكن إذا دخله غرر أو جهالة صار حراماً. ومن ذلك التمثيل، فقد نصَّ كثير من العلماء المعاصرين على أنه جائز من حيث الأصل، وذكروا بعض الضوابط، فمنها ضوابطُ وِفاقية كمنع تمثيل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ومنها خلافية كمنع تمثيل بعض كبار الصحابة رضوان الله عليهم. فإذا أقدمَتْ إحدى الشركات على عملٍ من الأعمال التمثيلية، فعملُها مباحٌ مِن حيث الأصل، لكنها قد تقع في فعلٍ محرَّم، وقد تُلابسُ مكروهاً، فالوقوع في الخطأ والزلل أمرٌ مُتوقَّع، ويزيد من احتمال الوقوع فيه أنها تجربة حديثة، وقد لا يجد القائمون على هذه الأعمال مِن أفلام ومسلسلات مَن يقوم بها على الوجه المأمول، فالخطأ متوقَّع في الأحوال المعتادة، ومن باب أولى في التجربة المبتدئة، بل قد يُضطرُّون لملابسة كثير من المنهيَّات اضطراراً لا يُجيزه مَن أفتى بجواز التمثيل، وقد يقعون في الحرام عن غفلةٍ أو جهل، لا عن قصد وتعمُّد. وواجبنا إذا رأينا في هذه المسلسلات شيئاً مما حرَّم الله أن نُبيِّنه، وأن ننصح القائمين عليه، وأن يكون نصحنا بالحسنى. كما أن من الواجب علينا ألا نتَّهم النوايا، ولا نُسيء الظنَّ بإخواننا المسلمين، فلا يجوز أن نتَّهمَ مسلماً، فضلاً عن داعيةً إلى الله، فضلاً عن عالِم من علماء المسلمين، بأنه أفتى بجواز التمثيل لأنه يريد تشويه صورة الصحابة الكرام أو غير ذلك من التُّهم، فهذا ليس من تقوى الله تعالى، فالمسلم مَن سلم المسلمون من لسانه ويده. وسأشير إلى أول نقدٍ لمسلسل (القعقاع) وهو قول كاتب النقد (بدأ المسلسل بالعرض التاريخي السليم ؛ رغم عيوبه الفنية الهائلة).. فوصف المسلسل بأن عيوبه الفنية هائلة، وصفٌ ينبغي أن يصدر من صاحب اختصاص في هذا الفن، ثم هو وصفٌ لا شأن له لا بالحلِّ ولا بالتحريم، فهذا نقدٌ يهدم، وليس من النقد الذي يبني ويصلح. أسأل الله أن يصلح قلوبنا وأعمالنا، وأن يزيل الغلَّ مِن صدورنا