لم تقرر إدارة إنتاج مسلسل "عمر بن الخطاب" رضي الله عنه، حتى الآن، كيفية تجسيد شخصية الصحابي الجليل عمر بن الخطاب في المسلسل، كما أن القائمين على المسلسل لديهم خياران فقط يتمثلان في تجسيد شخصية عمر بن الخطاب رضي الله عنه بشكل كامل وإظهار وجهه أو الاكتفاء بإظهار جزء من جسمه وصوته. وحاولت "سبق" التواصل مع أعضاء في الهيئة الشرعية للمسلسل لمعرفة رأيهم حول الطريقة التي سيتم تمثيل الصحابي عمر بن الخطاب فيها، إلا أنها لم تحصل إلى إجابة واضحة، ما يعني أن قراراً لم يتخذ حتى الآن. وكان مخرج المسلسل، حاتم علي، صرح في وسائل الإعلام في وقت سابق بأنه لم يحدد بعد ظهور شخصية ثاني الخلفاء الراشدين في مسلسل عمر بن الخطاب، مكتفياً بالحديث عن أن عمله لن يخالف وجهات النظر الشرعية . وكان مسلسل القعقاع بن عمرو التميمي الذي بث في رمضان الفائت قد أحجم عن إظهار أشكال الخلفاء الراشدين الأربعة " أبو بكر ، عمر ، عثمان ، علي " رضي الله عنهم، واكتفى بإظهار جزء من أجسادهم وأصوات تمثلهم. وكان مسلسل القعقاع قد أثار عدة مواقف شرعية مؤيدة ومعارضة لتمثيل الصحابة، رضي الله عنهم، خصوصاً أن عدداً من العلماء البارزين أشرفوا على نص مسلسل القعقاع وعدد منهم يشرف كذلك على مسلسل عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وهم: الدكتور يوسف القرضاوي والدكتور سلمان العودة و الدكتور أحمد الريسوني والدكتور أكرم ضياء العمري والدكتور علي الصلابي . ويرى الشيخ علي الصلابي في هذا الصدد أن مسألة تجسيد الصحابة تعد مسألة نفسية، ولا وجود لنص شرعي يحرمها، وقال بجواز تجسيد الخلفاء بشكل كامل، من دون الاكتفاء بالصوت والصورة من الخلف كما ظهر في المسلسل. وقال الصلابي لوسائل إعلام ليبية محلية: "ستكون هناك فتوى بهذا الخصوص لمجموعة من كبار علماء الأمة ستخرج قريباً، حول تجسيد شخصيات الخلفاء، وستكون ضمن بحث علمي شامل" متحدثاً عن تطلعه لأن يتم إنتاج أعمال عالمية تتناول سيرة الخلفاء الراشدين وكبار الصحابة وتاريخ الإسلام، فضلاً عن طموحه في إنتاج أعمال تغطي فترة الحروب الصليبية وحركات المقاومة وتحرر الشعوب. الشيخ سلمان العودة الذي قال بأن هذه المسألة مختلف فيها بين الفقهاء، وبالنسبة له فهو يعتبر أنه إذا تم تجسيد دور الصحابي بشكل مقبول وحسن ودون تزوير أو إساءة له ودون وجود مشاهد فاضحة، فإنه أمر حسن، أما إذا كان المسلسل يسيء للصحابي المراد تمثيله وفيه تزوير للتاريخ فإنه أمر مذموم ينبغي الابتعاد عنه، وعلى المنتجين وأصحاب الفضائيات والممثلين والمخرجين أن يتقوا الله ويسعوا لإظهار هذه الشخصيات كما هي دون زيادة أو نقصان، حتى تتحقق الفائدة المرجوة من العمل. لكن وجهات نظر شرعية أخرى معارضة ترى ضرورة أن يحمى جناب الصحابة وخصوصاً الكبار والعشرة المبشرين بالجنة منهم من أي تمثيل مسرحي ، وفي هذا الصدد تقول هيئة كبار العلماء في السعودية في فتوى شهيرة لها: "وفي إخراج حياة أي واحد منهم على شكل مسرحية أو فيلم سينمائي منافاة لهذا الثناء الذي أثنى الله تعالى عليهم ، وتنزيل لهم من المكانة العالية التي جعلها الله لهم وأكرمهم بها، لأن تمثيل أي واحد منهم سيكون موضعاً للسخرية والاستهزاء به، ويقوم بالتمثيل أناس غالباً ليس للصلاح والتقوى والأخلاق الإسلامية مكان في حياتهم العامة، مع ما يقصده أرباب المسارح من جعل ذلك وسيلة للكسب المادي، وأنه مهما حصل من التحفظ فسوف يشتمل على الكذب والغيبة ، كما يؤدي تمثيل الصحابة، رضوان الله عليهم، إلى زعزعة مكانتهم في نفوس المسلمين، وينفتح باب التشكيك على المسلمين في دينهم، ويتضمن ضرورة أن يقف أحد الممثلين موقف أبي جهل وأمثاله من الكفار، ويجري على لسانه سبُ بلال، وسبُ الرسول، صلى الله عليه وسلم، وما جاء به الإسلام، ولا شك أن هذا منكر عظيم، فبناءً على ما سبق يحرم تمثيل أحد من أصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم، في الأفلام أو المسرحيات أو غيرها" . ويفرق بعض العلماء بين كبار الصحابة والعشرة المبشرين بالجنة وبقية الصحابة، رضي الله عنهم، في الأعمال الدرامية والفنية، حيث يجيزون تمثيل عموم الصحابة ولا يرون تمثيل كبار الصحابة والعشرة المبشرين بالجنة. وكانت مجموعة الإم بي سي والتلفزيون القطري قد وصفت مسلسلها "الفاروق عمر بن الخطاب" رضي الله عنه ب"غير المسبوق" من حيث ضخامة الإنتاج وأنه يتمتع بميزانية مفتوحة ويتناول حياة وحكم ثاني الخلفاء الراشدين، عمر بن الخطاب، تحت عنوان الفاروق عمر . يذكر أن التلفزيون العربي كان قد شهد إظهاراً لصحابة كبار في وقت سابق كعمرو بن العاص، وأنس بن مالك، وعمار بن ياسر، إلا أنها لم تقدم الخلفاء الأربعة الراشدين من قبل في مسلسل تلفزيوني . ويظهر في مسلسل عمر بن الخطاب توسعاً في الهيئة الشرعية المشرفة على المسلسل عما كانت عليه في مسلسل القعقاع بن عمرو التميمي، حيث تضم الهيئة الشرعية الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي، والشيخ الدكتور سلمان العودة، والدكتور عبدالوهاب الطريري، والدكتور علي الصلابي، والدكتور سعد مطر العتيبي، والدكتور أكرم ضياء العمري. كما أن المسلسل ستتم ترجمته إلى عدة لغات من ضمنها الفارسية، ما فسره بعض الكتاب والمراقبين إلى مغزى سياسي معين ورسالة ما، يريد المسلسل إيصالها.