د. عبد العزيز بن عبد الله الخضيري - الاقتصادية السعودي على مدى سنوات من الكتابة والاطلاع على المقالات التي تكتب، وما يرد من مداخلات عليها، أجد دائما أن هناك فئة من الأشخاص المجهولين في الغالب ممن يقومون بمداخلات على المقالات أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها ذات صيغة محبطة ومتشائمة لا ترى في كل شيء إلا السواد والفساد والكره للحياة، وأن كل ما يطرح من أفكار وآراء تدعو إلى التفاؤل ما هو إلا كلام لا أساس له من الواقع، أو يطلقون عليه ""كلام جرائد""، بمعنى كلام لا معنى له ولا قيمة - حسب اعتقادهم. المداخلات التي يحمل أصحابها أسلوب ومنهج وفكر الإحباط لا يخرجون عن ثلاثة أصناف، الأول: أشخاص حاقدون على المجتمع وحكومته ورغبتها الصادقة في بناء الإنسان والمكان من خلال العمل الدؤوب المتواصل من أجل البناء السليم. وهذه الفئة سبق أن حذر منها الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة عندما دعا إلى محاربة ثقافة الإحباط والتشاؤم بثقافة الأمل والتفاؤل والعمل الجاد. وأصحاب هذا الفكر الإحباطي في الغالب ليسوا من الناس البسطاء أو التابعين لكل مزمر ومطبل، بل هم أصحاب رسالة تشاؤمية تحارب أي تطوير وتحديث ومحاربة للفساد، لأنهم يعيشون ويقتاتون على الفوضى والفساد. وأي إصلاح للإنسان وتطويره أو للمكان وتجميله، فإنه يعني تضييق الخناق عليهم والقضاء على مصالحهم. وهم في سبيل ذلك يعملون ليل نهار من أجل محاربة أي شخص يحمل ولو شمعة تفاؤل ورغبة في الإصلاح والتطوير، ولا يمانعون من اتهامه بكل التهم وتلفيقها ضده من أجل إرهابه وتخويفه حتى لا يستمر في إشعال الشموع التي تنير الطريق للراغبين في الإصلاح والتطوير ومحاربة الفساد. وهم وما يملكونه من قدرات مالية واجتماعية وعلاقات عامة ووجاهة يسخرونها من أجل محاربة أي فكر تطويري، ولا يهمهم في هذا الشأن ما يكلف من أجل إسكات ذلك الصوت أو القلم البنّاء والنير. وهذه الفئة يجب على جميع أصحاب الفكر التنموي عدم الالتفات إليها والخوف منها على أساس أن الذي لا يخاف من الله لا تخاف منه. وفي هذا السياق حدثني أحد أهم أصحاب الفكر البنّاء وممن يملكون تجارب تنموية رائدة خلال سنوات عديدة كيف أنهم استخدموا معه كل أساليب الإيذاء والاتهام له حتى وصل بهم الأمر إلى اتهامه في دينه وعرضه وماله. ووصل الأمر إلى التهديد بالقتل، فقط لأنه خلال هذه المسيرة الإصلاحية التنموية المتفائلة لم يلتفت إلى ضجيجهم وتهديداتهم، إنما استمر في فكره وبرنامجه التنموي الإصلاحي. ولهذا يجب عدم الالتفات لهؤلاء المحبطين الفاسدين أو الخوف منهم، إنما الاستمرار في الطرح المتفائل الإيجابي الطموح والعمل على تحقيقه، لأن تحقيق الإنجاز سيؤدي إلى القضاء على شرذمة الفساد وأعوانهم وأنصارهم كبروا أم صغروا. الفئة الثانية من أصحاب المداخلات المجهولة هم من يملكون مواقف شخصية ضد كاتب المقال، وبغض النظر عما يكتبه فإنهم يحاولون معارضته وجعل المداخلات ذات طابع شخصي تشاؤمي ومحاولة تهميش الفكرة المطروحة في المقال، من خلال المعارضة من أجل المعارضة فقط. وهذه الفئة مع أنها تنطلق من موقف شخصي مع الكاتب إلا أنهم مع الوقت يصبحون أدوات لأصحاب الفكر المتشائم والمصالح الفاسدة، لأنهم يجدون فيهم الفرصة لتحقيق مقاصدهم على أساس أن عدو عدوي صديقي، ويدفعون بهم نحو أهداف تخرج عن أساس علاقتهم بالكاتب وليس بالمكتوب. وهؤلاء مع أنهم قلة في الغالب، إلا أن تسخيرهم من قبل أصحاب الفكر الفاسد والمصالح الخاصة يجعلهم ذوي أثر سلبي في دعم مسيرة الطرح التنموي البناء. ثم الفئة الثالثة وهي الفئة العاشقة لمتابعة كل ما يكتب، خصوصا مع انتشار ثقافة الإنترنت، وهذه الفئة أغلبها يعتقدون أن كل ما يكتب على صفحات الإنترنت من معلومات صحيحة 100 في المائة، وبناء عليها يقومون بترويجها على أساس الثقة بكل ما يكتب في الإنترنت. وهم مع سلامة نيتهم ومقصدهم، يعدون من الأدوات الأكثر استخداما من قبل أصحاب الفكر الفاسد والمتشائم والمصالح الخاصة. وبالمناسبة أصحاب هذا الفكر ليسوا بالضرورة يحملون كل هذه الصفات، فمنهم الحاقد على البلد أو الكاتب، ومنهم الفاسد المحارب لأي إصلاح، ومنهم من له مصالح خاصة يخاف أن تتأثر بأي خطوة إصلاح، ومنهم من يكون شيئا من كل شيء. ولهذا فإنني في هذا الطرح المحدود بالمساحة أتمني على جميع أصحاب الفكر المتفائل النيّر المؤمن بأهمية الإصلاح والتطوير للإنسان والمكان ألا يلتفت إلى هؤلاء الفاسدين مهما بلغ حجمهم الأسري أو المادي أو الاجتماعي أو الوظيفي، لأنهم في نهاية اليوم يعيشون في الأنفاق المظلمة التي لن تؤثر - بإذن الله سبحانه وتعالى - في برنامج الإصلاح والتنمية الذي نعيشه اليوم. بارك الله في الجهود التي تعمل من أجل وطن سعودي الانتماء، عربي اللسان، إسلامي المعتقد وعالمي الطموح.