انباؤكم - خالد عبد الله المشوحخالد عبد الله المشوح في مثل هذا الوقت من كل عام يستقبل السعوديون معرض الرياض الدولي للكتاب على أنغام سجال ثقافي بات هو النكهة التي تميز هذا المعرض والترمومتر الذي تقيس فيه الحراك المعرفي في المملكة العربية السعودية، نتيجة تجاذبات فكرية بين تيارات مختلفة ترى في معرض الكتاب ملاذاً معرفيا لها ووجبة ثقافية لا يمكن الاستغناء عنها في استقطاب أكبر شريحة عبر رمزية المعركة المقرر خوضها في مجتمع يشكل فيه الشباب الغالبية العظمى. وبعيدا عن صراعات التيارات الليبرالية والإسلامية التي تتجادل على جزئيات لا تهم الباحث عن المعرفة كالاختلاط بين الرجال والنساء ، والذي لا أظن أنه يعني الكثير من المهتمين بالكتاب بشكل حقيقي، فالمثقف والباحث لا يعنيه هل يشتري الكتاب وبجواره امرأة ، ولا حتى الباحثة لا يعنيها أن تشتري الكتاب وهي تصطدم بكتف أحد الرجال. إن توافر الكتب والعناوين المختلفة في مجالات متعددة ومتنوعة من السياسة والفلسفة والإنسانيات والأدب هو الوجبة الرئيسية في هذا المعرض، لكن ونتيجة متغيرات كبيرة في المجتمع وصراع نخبوي لا يعني الكثير من رواد المعرض تم اختزال نجاح المعرض من إخفاقه بمدى تواجد الجنسين في لحظة واحدة في جنبات المعرض! الفعاليات الثقافية والخيم الحوارية التي تشعل معارض الكتاب عادة هي أقل ما يمكن أن تجده في معرض الرياض الدولي، حتى على مستوى الفعاليات فهناك كتب حديثة استحوذت على المشهد الثقافي السعودي قبيل انطلاق المعرض لم تحظ بأي فعالية ولا ندوة مسجلة تستقطب مؤلفي هذه الكتب أو ناشريها والتعرف عليها عن كثب ومناقشتها. إننا بحاجة إلى استغلال هذه التظاهرة الثقافية في حوارات جادة ومناورات أدبية راقية تنير سماء الرياض بالمعرفة والحوار والنقاش في قضايا هي من صلب اهتمامات أي مثقف بعيدا عن الصراعات الحزبية التي باتت تُجير أي مناسبة علمية أو وطنية لصالحها من خلال فرض أجندتها في كيفية إدارة هذه الفعالية. إن إقبال الناس على هذه الفعاليات يجب أن يكون للمعرفة فقط دون غيرها من التهويشات الجانبية التي يمكن أن يتم طرحها خارج نطاق المعرض، فالتحريم والإباحة، والتحرر والانفتاح، قضايا يجب أن يُعاد فتحها عبر محافل الحوارات الوطنية التي (كانت) متنفسا جيدا للجميع خلال الفترة الماضية.