نائب أمير مكة يستقبل المعزين في وفاة الأمير عبدالعزيز بن مشعل    السماح للأجانب بالاستثمار في أسهم الشركات العقارية المدرجة التي تستثمر في مكة المكرمة والمدينة المنورة    انطلاق أعمال منتدى مستقبل العقار 2025 بالرياض    اتفاق أوروبي على خارطة طريق لتخفيف العقوبات على سورية    ثنائية نكودو تقود ضمك لفوز ثمين على الاتحاد    اكتمال الاستعدادات لبطولة كأس الطائف للصقور للعام 2025 في نسخته الأولى    جامعة أمِّ القُرى تطلق الأسبوع الإعلامي في نسخته الثانية    السعودية تحتل الصدارة عربياً وإقليمياً في الحمولة الطنية التجارية    أمانة القصيم تكثف جهودها لإزالة مياه الأمطار وتعالج مواقع لتجمع المياه    رنا سماحة تثير الجدل برسالة غامضة.. من المقصود؟    قطاع ومستشفى محايل يُفعّل حملة "شتاء صحي"    التخصصات: ارتفاع مقاعد البورد السعودي بأكثر من 1500 مقعد    الإسعاف الجوي بالقصيم يباشر حادث انقلاب مركبة بعنيزة    ضيوف الملك.. يغادرون إلى مكة بذكريات لا تنسى    وزير الخارجية يجري اتصالاً هاتفيًا بوزير خارجية ماليزيا    20 فعالية مصاحبة لرالي حائل    آل حسن نائبا لعربي المبارزة    ملاذ للتأمين "الراعي الرئيسي" لمنتدى مستقبل العقار 2025    عيون «العقيد» على شباك الأهلي    حرس الحدود ينقذ طفلا سودانيا من الغرق في عسير    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان"اللُّحمة الوطنية عقلٌ يُنير، ووطنٌ يزدهر"    محافظ الخرج يشيد بجهود جمعية رفادة الصحية التعاونية    انكماش قطاع التصنيع في الصين    البدء بأعمال المرحلة الأولى لصيانة وتطوير تقاطعات طريق الملك عبد الله بالدمام    "التعاون الإسلامي" يؤكد دعمه لصمود الشعب الفلسطيني في أرضه ويرفض محاولات التهجير القسري    بدء استقبال طلبات إيفاد المعلمين إلى 13 دولة    «التجارة»: 16% نسبة نمو الخدمات الإدارية والدعم    نائب أمير الشرقية يستقبل الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال 14 لمساعدة الشعب السوري الشقيق    المياه الوطنية تطلق برنامج تقسيط توصيلات المياه والصرف الصحي المنزلية    النازحون يعودون إلى الخراب في شمال غزة    تقنية الطائف تقيم لقاء توظيف بعدد 300 فرصة وظيفية    رئيسة وزراء إيطاليا تزور منطقة الحِجِر والمعالم التاريخية والأثرية في العُلا    5 أسباب للتقليل من استهلاك الملح    «واتساب» تعتزم توفير ميزة الحسابات المتعددة لهواتف «آيفون»    7 خطوات بسيطة.. تملأ يومك بالطاقة والحيوية    «النقانق والناجتس» تسبب العمى لطفل بسبب سوء التغذية    رضا الناس غاية لا تدرك    الزيارات العائلية    فعالية «مسيرة الأمم»    أمير الشرقية يطّلع على إنجازات جامعة حفر الباطن    شرطة النعيرية تباشر واقعة شخص حاول إيذاء نفسه    "سلمان للإغاثة" يوزّع مواد إغاثية في مدينة حرستا بمحافظة ريف دمشق    طفاية الحريق في المركبة.. أمن وسلامة    كيف يعشق الرجال المرأة.. وكيف تأسر المرأة الرجل؟    المملكة تدين استهداف المستشفى السعودي في الفاشر    سياسة مختلفة    أكذوبة محاربة الاحتكار الغربية    مؤتمر «خير أُمّة»: محاربة الجماعات المنحرفة ومنعها من تحقيق أغراضها الباطلة    دراسة: الإجهاد النفسي يسبب" الإكزيما"    نيمار حدد موعد ظهوره بشعار سانتوس    طلال بن محفوظ - جدة    النصر يؤكد بقاء الثنائي العقيدي وغريب :"عيالنا .. كفاية إشاعات"    السعودية باختصار    المشكلة المستعصية في المطار !    شريف العلمي.. أشهر من طوّر وقدّم برامج المسابقات المُتَلفزَة    ولاء بالمحبة والإيلاف!    نائب وزير الدفاع يرعى حفل تخريج الدفعة (105) من طلبة كلية الملك فيصل الجوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لغة مفعول به

لماذا كل هذا العبث باللغة العربية؟ لا أريد أن أعود إلى نظرية المؤامرة. لكن ما يحدث للغة العربية على أيدي الكثير من الناطقين بها يجعل المرء يسترجع نظرية المؤامرة. وقد سمعت أساتذة كبارا يتحدثون عن تآمر حقيقي على لغتنا. وهذا للأسف الشديد يحدث يوميا أمام أعيننا وبدم بارد جدا. فكم شعرت بحزن شديد وأنا أستمع مثلا إلى المضيفين والمضيفات على متن خطوط الطيران العربية وهم يطلبون منا أن نربط الأحزمة أو عندما يريدون أن يعملونا بموعد هبوط الطائرة أو بدرجة الحرارة خارجها أو بإيضاح تعليمات السلامة. وإذا أحصينا الكلمات المستخدمة في هذه الحالة نجد أنها لا تزيد عن خمس جمل. لكن مع ذلك فالمضيفون والمضيفات المحترمات يفجرن في تلك الجمل البسيطة كوارث لغوية مرعبة. ولو سمعها أبو الأسود الدؤلي أو غيره من النحاة لكانوا قد تململوا في قبورهم انزعاجا من هذا الوضع الذي آلت إليه لغة الضاد.
فهناك أخطاء لفظية وقواعدية في كل جملة تقريبا إلى حد يجعل العارفين باللغة يظنون أن الأمر مقصود. فهل يعقل أن المضيف أو المضيفة لا يعرف إن حرف الجر مثلا يجر ولا المنصوب أو المرفوع؟.. وان كل كلمة تأتي بعد من إلى عن على هي مجرورة وليست مرفوعة؟! لماذا ينصبون الفاعل ويجرون المنصوب ويرفعون المجرور ويعبثون باللغة بهذه الطريقة الرهيبة؟ لماذا وصل بهم الأمر إلى هذا الحد؟ كم من المرات شعرت بأنني أريد أن استدعي احد المضيفين أو المضيفات لأعاتبهم بشدة على هذه الزلات اللغوية المشينة. كم يكلفهم من الوقت كي يتقنوا بضعة جمل بسيطة لفظا ونحوا؟ ومما يزيد في غيظي وإحباطي إنهم عندما يرددون الجمل نفسها باللغة الإنجليزية أو الفرنسية لا يقترفون أي خطأ لفظي أو قواعدي، بل يبذلون قصارى جهدهم كي يظهروا بأنهم أفضل من الانكليز في اللفظ واللهجة. أما في العربية فيطلقون العنان لجماحهم التخريبي كي يعيث فسادا في هذه اللغة المسكينة.
لماذا يا جماعة؟ لماذا أصبحت لغتنا كالأيتام على مأدبة اللئام؟ لماذا هذه الإهانات المتعمدة للغة الشعر؟ وقد يكون الأمر محمولا لو اقتصر على المضيفات على متن الطائرات. لكنه أكثر خطورة في الفضائيات العربية. فبعض الفضائيات تحث مذيعاتها كما سمعت على استخدام لغة عامية رخيصة ممجوجة بدلا من اللغة العربية المحترمة. ولا داعي لذكر بعض الفضائيات التي تبدو مذيعاتها كما لو أنهن يتفنن في إيذاء اللغة العربية وتخريبها. لكن هؤلاء المذيعات لا يترددن في إظهار عضلاتهم اللغوية في اللغات الاجنبية على الشاشة. فقد دهشت ذات مرة وأنا استمع لواحدة من تلك المذيعات وهي تتحدث في برنامجها بالانكليزية. لقد حاولت قصارى جهدي أن اصطاد لها خطأ بسيطا لكنني فشلت. فقد كانت إنجليزيتها تمام التمام نطقا وقواعد بحيث لا يمكن تمييزها عن الانكليز أنفسهم، بالرغم من أنها تعلمت الانكليزية في بلدها أيضا كما تعلمت العربية. لماذا ترانا نتهافت على إتقان اللغات الاجنبية بينما نتهاون شر تهاون في تعلم لغتنا الأصلية؟ لماذا هذا الاستهتار باللغة العربية؟ ألا يصل ذلك إلى حد التآمر الرهيب؟
وكي يزيدوا الطين بلة استنبط بعض إخواننا في الخليج لغة ثالثة هجينة كي يستخدموها في التعامل مع الوافدين الآسيويين لا علاقة لها باللغة العربية لا من بعيد ولا من قريب. حتى أنني أجد صعوبة في بعض الأحيان وأنا استمع إلى احد الإخوة الخليجيين وهو يتكلم مع عامل آسيوي. فبالكاد أفهم شيئا مع العلم أن كل وافد إلى أي بلد مطلوب منه أن يتعلم لغة ذلك البلد وان لا يفرض لغة هجينة على أهل البلد الأصليين كي يستخدموها معه. هل يعبث الإنجليز أو الفرنسيون أو الألمان بلغاتهم لإرضاء الوافدين إلى بلادهم؟ أم أن هؤلاء الوافدين مجبرون على تعلم تلك اللغات بحذافيرها؟ فمعروف عن الألمان مثلا أنهم لا يردون على أجنبي في بلدهم إذا خاطبهم بلغة أجنبية وإذا ردوا فإنهم يردون بنوع من الاشمئزاز. إنهم يفترضون أن ذلك الأجنبي يجب أن يتعلم لغتهم. وإلا فهم لا يحترمونه. انه تعصب محترم للغة.
فلماذا نساوم نحن على لغتنا إذا؟ وقد يقول قائل إن ليس كل الانكليز مثلا يتكلمون الإنجليزية الفصحى. وقد تجد بعضهم ممن لا يقل سوءا عن المضيفين والمضيفات العرب العاملين على متن خطوط الطيران العربية. لكن ذلك غير صحيح بالمطلق. فالفرق بين اللغة الانكليزية الفصحى المستخدمة إعلاميا واللغة العامية ضئيل جدا، لا يمكن تمييزه أحيانا. فالانكليز يتحدثون فيما بينهم يوميا باللغة نفسها التي نسمعها في الراديو والتلفزيون ونقرؤها في الصحف تقريبا. أما الفرق بين اللغة العربية الفصحى والعامية المستخدمة في بعض الفضائيات فهو هائل بكل المقاييس. وهذا عائد طبعا إلى أن الفصحى في واد والعامية في واد آخر لأسباب قواعدية ونحوية وثقافية. وهذا ما يجب علينا أن نصححه حتى لو طال الزمن.
يجب علينا أن نردم الهوة بين الفصحى والعامية مع الاعتراف بصعوبة هذه المهمة. أما الذين يقولون إن لجوء البعض إلى العامية وإهمال اللغة الفصحى عائد إلى صعوبة اللغة العربية فهم أيضا ليسوا على صواب. فكل لغة فيها صعوباتها الخاصة بها. من قال إن الإنجليزية لغة سهلة؟ من قال إن الفرنسية أو الروسية لغتان يسيرتان. إنهما لا تقلان صعوبة عن العربية. وكذلك الألمانية. مع ذلك الجميع يتحدث هذه اللغات بإتقان من نوع ما. هناك لغة عامة وليست عامية. أي أنها أقرب إلى الفصحى منها إلى العامية. وهي مناسبة للاستخدام في وسائل الإعلام مادامت تحترم أساسيا القواعد اللغوية. أما نحن فالطلاق حاصل عندنا بين الفصيح والعامي منذ عشرات السنين. فمن المسؤول عن هذا الضياع اللغوي والثقافي لدينا؟ ولماذا نسخر من الذين يتحدثون عن مؤامرة حقيقية على لغة الضاد؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.