منال الكحلوت قصة من عشرات القصص التي نسمعها من غزة العزة والشموخ، امرأة فقدت زوجها وأبناءها الثلاثة في غارة متعطشة لقتل الأطفال والمدنيين قبل المقاومين، وفي نفس اللحظة التي يتم فيها احتلال غزة عبر حرب وحشية تستهدف المدارس والمساجد والأسواق نرى التباين الكبير بين العرب في جدوى المقاومة. والغريب أن تأتي هذه الكلمات من أحد رموز المقاومة الفلسطينية في فتح وهو الرئيس الفلسطيني أبو مازن الذي جند عشرات الفلسطينيين للمقاومة في فلسطين أثناء تواجده في قطر، حينما قال إن المقاومة التي تدمر الشعب لا نريدها! في وقت يقتل فيه مئات الأبرياء بالطبع ليس بسبب المقاومة، وإلا لحملنا السلطة الفلسطينية قتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين طيلة الفترة الماضية، وهو ما ترفضه فتح قبل الفصائل الأخرى لأن إدانتها ستكون أفجع من إدانة حماس! ولعله من المناسب التذكير بإنجازات المقاومة وتأثيرها الإيجابي على الرأي العام الإسرائيلي تجاه القضية الفلسطينية، حيث صدرت دراسة للباحث الفلسطيني خليل الشقاقي عن دار الأهرام بعنوان مسيرة التردد نحو الاعتدال: مواقف الرأي العام اليهودي في إسرائيل من عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية تشير إلى التأثير الكبير للانتفاضة والمقاومة على مسار القضية الفلسطينية ما بين 1996 و2001 م وكان من أبرز نتائج هذه الدراسة الشاملة التي اعتمدت 43 إحصائية ورسما بيانيا بحسب ما ذكرته صحيفة الشرق الأوسط في أربعة أجزاء . حيث زادت نسبة مؤيدي إنشاء دولة فلسطينية من 10% قبل الانتفاضة إلى 55% بعد الانتفاضة, وقد أدت الانتفاضة إلى زيادة نسبة التأييد للانسحاب من الأحياء العربية في القدسالشرقية، فقد كانت النسبة 23%، ووصلت إلى 51% في مايو 2001، كما ارتفعت نسبة تأييد الرأي العام الإسرائيلي لجعل القدس عاصمة للدولة الفلسطينية من 11% إلى 31% بينما بلغت نسبة الموافقة على وضع الحرم الشريف تحت سيادة فلسطينية و"حائط المبكى" تحت سيادة إسرائيلية إلى 33% . وبمرور ثلاثة أسابيع على الغزو الإسرائيلي على غزة نجد أن متغيرات كثيرة تصب في صالح المقاومة الفلسطينية - لأننا نعلم أن إسرائيل قاتلة بوجود حماس أو فتح والتاريخ شاهد على ذلك - فهناك زيادة في تنامي الكراهية لإسرائيل وزيادة في شعبية إسماعيل هنية داخل الأراضي الفلسطينية كما بين الاستطلاع الذي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسيحية ونشر ، أنه لو جرت انتخابات رئاسية اليوم بين الرئيس عباس وإسماعيل هنية فإن النتائج ستكون شبه متعادلة 46% لعباس و47% لهنية ، ولعل الأهم من ذلك زيادة تعاطف الرأي العام العالمي وانخفاض شعبية إسرائيل حتى إنه وصل الأمر في بريطانيا مثلا إلى البدء في توقيع عريضة لوقف بيع السلاح لإسرائيل بالإضافة إلى نهاية احتكار اليسار لنصرة القضية الفلسطينية حيث شاهدنا شخصيات ليبرالية وديموقراطية في شتى أنحاء العالم تندد باجتياح غزة، وباختصار ليس هذا وقت محاسبة المقاومة وإنما وقت دعمها لأن المقاومة لها حق في الدفاع عن المظلومين من شعبها، ومهما اختلفنا في آليات التكتيك فيجب ألا نحمل المقاوم مسؤولية الهمجية من العدو.