أنا شاب عمري 19سنة أدرس بالجامعة، وعندنا اختلاط في الكلية، وأشعر أنه توجد لدي نزعة جنسية، فبماذا تنصحوني: هل أتزوج أو أحول إلى كلية الشريعة التي لا اختلاط فيها؟ وإذا أردت الاستمرار فهل تنصحوني بالزواج؟ الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: أخي العزيز: أسأل الله أن يعينك على دراستك، ويجعلك من المتفوقين دنيا ودينًا. لا تحجر واسعاً، فعموم المشكلات لها أكثر من حل، بل يقولون "كل مشكلة ولها حلول" والحل المناسب يختلف من شخص لآخر، ومن بلد لآخر، ومن زمن لآخر، وهكذا. فلا تضع نفسك في زاوية ضيقة واختيارات محدودة بل أعط لنفسك فرصة التفكير بأفق واسعة تنطلق بها نحو الإبداع في الحلول. أمر آخر أرجو أن تنتبه له وهو الثقة بالنفس فمن أكبر الأخطاء التي يقع فيها الإنسان مع نفسه هو ضعف الثقة بها، وهذا داء منتشر بين عموم الناس وبين المسلمين خصوصاً والشباب على وجه أخص، ومن علامات ذلك الرسائل السلبية التي نحدث بها أنفسنا: لا أستطيع أن أفعل كذا، لا يمكنني أن أنجز ذلك، من السهل أن أقع ضحية لكذا، أخشى على نفسي من كذا وكذا وغيرها كثير، نعم هناك شهوات غرسها الله فينا، نعم قد يكون الواقع يشهد بوقوع الضحايا، ولكن في المقابل من غرس فينا الشهوات أرشدنا ووضح لنا طريق السيطرة على هذه الشهوات وتسييرها في وجوهها الصحيحة دون تعد أو تفريط، ولا ننسى أن الله سبحناه قال في الحديث القدسي: "أنا عند ظن عبدي بي" فيجب أن نظن ونوقن بقدرتنا على السيطرة على أنفسنا، وبتوفيق الله لنا على ذلك، وحمايتنا من الوقوع في مستنقع الرذائل. أما بالنسبة لك، فلا أدري ما الكلية التي تدرس بها، وما مدى رغبتك في كليتك؟ فهل ذهابك لكلية الشريعة هو من أجل حل المشكلة، أو رغبة في الدراسات الشرعية؟، فإن كانت الأولى فلا أرى أنه حل مناسب؛ فالاختلاط في كل مكان في الأسواق والشوارع والدوائر الحكومية، وأخطر منه القنوات الفضائية والإنترنت، فهل ستصمد نفسك أمام ذلك الواقع أم ستضطر للتغيير أو الهروب؟! أما الحل المقترح فهو على النقاط التالية: إذا كانت لديك الرغبة في الزواج والقدرة على تحمل مسؤوليته المادية والمعنوية، ويغلب على ظنك أنه سيعالج مشكلتك فاستعن بالله، وتخير من تعينك على دينك ودنياك، وتذكّر وصية الرسول الكريم –صلى الله عليه وسلم-: فاظفر بذات الدين تربت يداك. إذا لم يتيسر الزواج لسبب أو لآخر فعليك بالتالي: . تجنب الأماكن الذي يكون فيها الاختلاط (مثل مطعم الكلية) قدر ما تستطيع. . تجنب الاحتكاك بالنساء والكلام معهن قدر الإمكان. . احرص على تكوين صحبة صالحة داخل الجامعة وخارجها (وأظن هذا متيسر ومتوفر) وتشبث بهم وليكن أغلب وقتك معهم. . اجتهد بأن يكون لك دور إيجابي في الجامعة من خلال المشاركة في البرامج الثقافية والتوعوية والدعوية والتي لا تشارك فيها النساء. . ضع لنفسك أهدافًا واضحة -ويحبذ كتابتها- تكون نصب عينيك دائماً، تشغل أغلب وقتك داخل الجامعة وخارجها. . كن واثقاً من قدرتك في السيطرة على نفسك والتحكم بها وقيادتها نحو الأفضل –بإذن الله- وتجنب الرسائل السلبية. . أكثر من الطاعات والتقرب إلى رب الأرض والسموات من خلال الالتزام بالفرائض والنوافل، ومن أهمها الصيام الذي قال عنه الرسول الكريم –صلى الله عليه وسلم-: "فإنه وجاء" أي وقاية من الوقوع في شهوة الجنس. . تجنب كل ما يثير الشهوة لديك، مثل مشاهدة البرامج التلفزيونية، ومواقع الإنترنت والمجلات وغيرها، ولا تسوف في هذه النقطة بالذات، بل ابدا بها أولا، واقتلع جذور من يذكرك بالشهوة المحرمة. . استشر بعض المقربين لك من أهل العلم والصلاح الذين تثق بعلمهم وورعهم، مع الحرص على سرية الأمر. . تذكر فضل غض البصر وأهميته، وما يحققه من ثمرات دنيوية وأخروية، وفي المقابل تذكر نتائج تلك الأفعال في الدنيا والآخرة، وحبذا لو قرأت في سير السلف الصالح، وكيفية ترويض أنفسهم في مجال الهوى والشهوات. . الإكثار من الدعاء، وتخير الأحوال والأزمان والأماكن التي يكون فيها الدعاء أقرب للإجابة. أخيراً أسأل الله أن يملأ قلبك نوراً وإيمانا، وأن يطهر قلبك، ويرزقك المراقبة الدائمة، ويجعلك من المحسنين الذين يعبدون الله كأنهم يرونه، وإن لم يكونوا يرونه فإنه يراهم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.