يحمل الشباب والشابات مسؤولية انحرافهم الأخلاقي وسلوكياتهم غير المقبولة دينيا واجتماعيا لإحساسهم بالجوع العاطفي وافتقادهم للحنان والأمان في ظل وجودهم داخل أسرة مفككة وغياب الراع الحقيقي , كما يضع المتزوجين مبرر الخيانة الزوجية على عاتق الجفاف العاطفي الحاصل بينهما وفقدان (الرومانسية) داخل الحياة الزوجية . سارة محمد فتاة عشرينية والديها منفصلين ، تنتقل مرة عند والدها وفي حين آخر تسكن لدى أمها , لكنها سعيدة بذلك كما تقول كونها تستطيع الشعور باللذة في حياتها الخاصة , حيث تمتلك كل ما تريد لأنها من عائلة مقتدرة ماديا , تقول سارة محمد ل (عناوين) " لم أعد أنتظر الحنان والعاطفة من والدين حرماني من الحنان في طفولتي , بل أستطيع الآن أن أحصل عليها في أي وقت ومتى ما أردت من خلال علاقاتي المتعددة". من جانبه يعتقد عادل عبد الله وهو أربعيني وأب لأربعة أبناء أن فقدانه للعاطفة من قبل زوجته سبب لخيانتها ، التي لم تعد تجلي أي اهتمام بالحياة الزوجية الرومانسية لاسيما أنها تعشر أنهما كبرا في السن ، وأن مسؤولية الأطفال تستهلك الكثير من الوقت ، لذا لا يسعفها الوقت للاهتمام بنفسها وبزوجها .
المرأة أكثر عرضة وعرّف أستاذ مساعد في كلية التربية والآداب في جامعة الحدود الشمالية الدكتور نائل الأخرس الجوع العاطفي أو الجفاف كما يسميه البعض بأنه : "الافتقار للأجواء الانفعالية العاطفية من المحبة والود والتفاعل داخل الأسرة أو مع الأصدقاء بشكل عام" . ويرى الأخرس أن المرأة هي غالبا من تعاني من الجفاف العاطفي أكثر من الرجل كونها تحمل جوانب عاطفية جياشة وكذلك الأطفال هم بحاجه لإشباع العاطفة لديهم , حيث أن أكثر الدراسات تتفق على ذلك". وأوضح في حديثه ل (عناوين) أن إشباع العاطفة لدى الطفل تكون خلال عدة جوانب , كإعطائه المحبة داخل الأسرة , وتعزيز ثقته بنفسه , ودعمه بالكلمات المشجعة بما يرفع معنوياته , مضيفاً "إضافة إلى أن الأطفال حديثي الولادة يستشعرون اللمس لذلك ينبغي مسك جسم الطفل بقوة عند حضنه وضمه ليستشعر المحبة والحنان منذ طفولته" . ونفى أن يكون الجفاف العاطفي السبب الرئيسي للخيانات الزوجية قائلا : "إن الفراغ والشعور بالوحدة داخل الأسرة هما أبرز سببين لذلك , فأحيانا اكتشاف النقص عند أي طرف أو مشكلة في الشخص الآخر أو الاختلاف في المشاعر تسبب عدم الانسجام لكنها ليست مبرر للخيانة إلا إذا فقد الوازع الديني".
كما أوضح الأخرس أن المجتمع العربي مجتمع بخيل في التعبير عن مشاعره تجاه من يحب وتجاه الآخرين ويعتقد الرجل أو المرأة في مجتمعنا أنه بمجرد تلبية الطلبات والحاجيات لمن يحب هو كافي ليفهم محبوبة حبه له , وهذا أمر غير صحيح فالإنسان بطبيعته يحتاج لسماع كلمة الحب والكلمات التي تحاكي مشاعره , ثم أنه بالإضافة للمحبة داخل الأسرة يحتاج الإنسان للمحبة في وسطه الاجتماعي أو المدرسة خاصة في المرحلة الابتدائية . التربية تكفي ويتفق نائب المشرف على برنامج الرعاية النفسية الأولية وخدمة المجتمع ومدير شؤون المراكزفي المنطقة الشرقية الدكتور نواف العتيبي في تعريف الجوع العاطفي قائلا : "هو نقص في الاحتياجات العاطفية التي يجب أن يزودها الرجل للمرأة والمرأة للرجل" , و منها ضعف الوازع الديني , طول مدة الزواج , وجود أمراض تقف حاجزا تجاه الاحتياجات . وقال "ولا ننس ظهور المغريات في زمننا , إضافة للعوائق التي هي العادات التي تعيب قول الكلمات التعبيرية عن المشاعر" . وأكد العتيبي أن التربية إذا كانت كافية في إشباع الطفل بالعاطفة والحنان الذي يحتاجه ليستمده خلال حياته فلن يعاني أحدا من جوع العاطفة , لأنه اكتسبها في أهم مرحلة من حياته وهي التي تساعده على تجاوز الشعور بالنقص فيما بعد .