مع ظهور الإنترنت لم يتوقع أحد خصوصًا في العالم الإسلامي أن تتحول هذه الوسيلة الإلكترونية إلى أداة سلبية في أيدي الأزواج والزوجات الذين حولوا الإنترنت إلى وسيلة للخيانة، والخيانة تتحول إلى نوع من الإدمان، كما أن العديد ممن يستخدمون هذه الوسيلة يظنون أنها ليست خيانة بالمعنى الحرفي للخيانة، وقد تعددت حوادث الخيانة الإلكترونية في العالم العربي خلال الفترة الأخيرة، وأصبحت بمثابة جرس إنذار لضرورة وجود رقابة شديدة على الإنترنت قبل فوات الأوان، ويحتل الجنس المركز الأول بين مواضيع البحث على الإنترنت ولذا تشير دراسات معهد «هاردنج» إلى وجود أكثر من72000 موقع جنسي على الإنترنت، وتزيد هذه المواقع بمعدل266 موقعًا يوميًا وهذه المواقع وحدها تحقق ربحًا قدره بليون دولار سنويا، وتتراوح نسبة من يسقطون في شراك الخيانة الإلكترونية بين22% بين النساء, و37% بين الرجال، بينما حوالي70% من الوقت الذي يقضي على الإنترنت يصرف في غرف الشات الخاصة بالعلاقات العاطفية والجنسية، ورغم هذا يعتبر 54% من الرجال أن هذه العلاقات لا تعتبر خيانة، على الرغم من وجود دلائل قوية للعلاقة بين الخيانة الإلكترونية والخيانة التقليدية، فالإنسان على الإنترنت يتحرر من الضبط الاجتماعي الموجود في الواقع، ومع تصاعد قوة الانجذاب والغموض والتفكير في الأخر عبر الإنترنت فإن ذلك سوف يؤدي حتما إلى السقوط في براثن الخيانة التقليدية، يأتي ذلك في حين أن الشريعة الإسلامية أقرت مبادئ السمو بالأخلاق، وأمرت المسلمين بالابتعاد عن كل ما يمكن أن يكون سببا في الانحراف الأخلاقي أو الديني، «الرسالة» طرحت القضية على الخبراء والمختصين وعلماء الشريعة ورصدت رؤاهم حول خطورتها وكيفية معالجتها في سياق التحقيق التالي: بدية شددت الناشطة الاجتماعية د. نوف بن على المطيري على أن معظم حالات الخيانة في غرف الشات لا ترى فيما تفعل خيانة بمعنى الخيانة المعروفة وأضافت: » بل طريقة لطرد الملل من حياتهم! ومنهم من يدعي أنه يعيش زيجة سعيدة ولكن طول فترة الزواج وانصراف الطرف الآخر للعمل أو الاهتمام بالأطفال جعل الحياة الزوجية خالية من الإثارة واخمد شعلة الحب بينهم، فيرى بتلك الزيارات الخاطفة أو تقمص شخصية وهمية فرصة لطرد الملل من حياته ومنهم من يرى أنه تصرف بريء لا يضر لأنه لا يصل للخيانة الكاملة! واعتقد أن تلك الحالات غير قادرة على التواصل مع شريك الحياة وإخباره بما ترغب فتلجأ للبحث عن الحب والحنان والاهتمام من طرف ثالث مجهول ومع تكرار تلك الزيارات تدمن هذا العالم الخيالي وقد تقع في الخيانة في نهاية الأمر، لا يوجد شخص يرغب بأن يكون كائن غير مرئي في حياته الزوجية، الرجل يبحث عن الاهتمام وكذلك المرأة، الرجل يبحث عن من تشعره برجولته وأهميته ويستمد من تلك العلاقة السرية الاهتمام والدلال المفقود في حياته الواقعية، والمرأة تريد أن تشعر دائمًا أنها أنثى مرغوبة وهناك من يعوضها عن الحب والحنان المفقود في علاقتها الزوجية وتلك الشخصيات لا ترى غضاضة في الدخول للعالم الافتراضي والتعرف على الآخرين، وترى أنها بريئة وتتناسى أن كثير من العلاقات العابرة تحولت إلى علاقات غير شرعية والخيانة لا تكون فقط بالجسد فالعين تزني وكذلك الأذن» وأضافت المطيري موضحة آلية للحد من الخيانات الإلكترونية فقالت: »يكون بالبحث عن الأسباب الحقيقية التي تدفع بالرجل والمرأة للبحث عن علاقات خارج إطار الزواج والحصول على الحب والاهتمام من طرف ثالث، أول خطوة تكون بالمصارحة والحديث بشفافية مع الشريك والطرف الآخر لن يعرف باحتياجات رفيق دربه بالتخمين بل بالحديث معه والتواصل المستمر على الزوجين ابتكار طرق جديدة ترجع الإثارة والحب لحياتهم فكثير من الزيجات بحاجة ماسة لوقت خاص للزوجين وإجازة من مشاكل البيت والأطفال التي قد تبعدهم عن بعضهم البعض» أوضحت الخبيرة الاجتماعية د.عزة كريم أن شبكة الإنترنت شيء جديد على المجتمعات العربية والإسلامية وقضية انتشار الخيانة الإلكترونية بين الأزواج والزوجات تعكس الجهل بالتكنولوجيا، ولا يمكننا أن نطلق عليها: ظاهرة فليس الجميع يستخدم الإنترنت في مثل هذه الأمور، ولكن يمكننا هنا أن نقول: إن الإنترنت عدو الجهلاء، والإنسان العاقل هو الذي يستخدمها في شيء مفيد، أما في غير ذلك فتكون الإنترنت عدوا للمرأة الجاهلة والرجل الجاهل. اسم مستعار وأضافت أن الأسباب المؤدية للخيانة الإلكترونية تعود إلى عدم تفهم الزوج لاحتياجات زوجته الجنسية أو مقابلة صراحتها معه بالنسبة للأمور الجنسية بتهكم وسخرية أو باللامبالاة فتلجأ إلى الخيانة عبر الإنترنت، باسم مستعار حتى لا تنكشف شخصيتها الحقيقة لأنها أصبحت تعتقد أن متطلباتها الجنسية محل تهكم وسخرية من قبل الجنس الآخر، وإن إشباع الحاجة لتقدير الذات هي من الحاجات الأساسية في حياة الفرد فالبعض من النساء ترغب في إكمال دراستها ولكنها لظروف معينة حرمت من التعليم، فنجدها تتقمص شخصية سيدة أعمال أو مهندسة ديكور وتشبع رغبتها في التقدير من خلال خداع الآخرين وجذبهم لها خاصة إذا كان زوجها صاحب درجة علمية عالية ويسخر منها لجهلها، وإن خطورة الفراغ بمعناه الحقيقي وبمعناه النفسي، سبب رئيسي للخيانة الزوجية، وفي بعض الحالات يكون الفراغ نفسي بتجاهل الطرف الآخر له فالفرد بطبيعته يحب أن يكون جزءا من جماعة يتجاذب معهم أطراف الحديث والزيارات ويشاركهم الاهتمامات والهوايات، ولا ننسى أن من مميزات التعارف على الإنترنت أن الشخص يستطيع اختيار الشخص الذي يتناسب مع أهوائه ورغباته الشخصية بسهولة، وكذلك فإن «متعة المغامرة» سبب كفيل بالخيانة، لأنه إذا لم يوجد جديد في حياة الزوج أو الزوجة فقد يلجأ أحدهما لخوض المغامرة فيعتبرها في البداية مجرد لعبة مسلية ما تلبث أن تصبح جزءا من حياة الإنسان، جزء يملئ وقته وعقله وقلبه، ولا يجب نسيان «الإدمان» على الإنترنت، الذي قد يفضي إلى مشكلات أخلاقية، فقد أثبتت دراسات حديثة بأن الإنترنت يتحول لإدمان بعد فترة قصيرة جدا حتى أن البعض يطلب المساعدة للإقلاع عن الإنترنت، وهناك كارثة أخرى في هذه القضية وهي أن هناك الكثير من الأسباب الأخرى، التي تبرر للشخص إقامة علاقات غير مشروعة، مثل إقناع نفسه أن شخصيته عبر الإنترنت غير معروفة، وأن علاقاته هي علاقات عابرة ولن تؤثر على شريك حياته، كما يوهم نفسه أن هذه العلاقات «غير محرمة شرعًا»، وقد ترى بعض السيدات أن العلاقات عبر الإنترنت هي لمجرد «رد الصاع للزوج الذي له علاقات نسائية عبر الإنترنت. انحسار التآلف من جانبها قالت أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس د. فايزة يوسف إن السبب الرئيس للوقوع في هذا النوع من الخيانة هو: الفراغ العاطفي وحب المغامرة ومعها ضعف الإيمان والوازع الديني وهشاشة التربية الذي يمنع الوقوع في هذه المخالفات والسلوكيات المشينة، وتقول أن غياب هذه الضوابط نتيجة الغزو المفرط لتلك الوسائل لحياتنا دونما استئذان أدى إلى شيوع علاقات من نوع آخر فانحسرت مجالات التعارف والتآلف في دنيا التكنولوجيا العصرية، وأصبح البديل الجديد التعارف عبر شبكات الإنترنت في المواقع والمنتديات والبروفايلات والمدونات، أو غرف الدردشة والشات، أو التعارف الهاتفي عبر الهواتف المحمولة والاتصالات التلفونية، سواء بالاتصال التلفوني العشوائي ليلًا أو المتعمد وللأسف الشديد، فإن هناك خيانة زوجية، أو مآسي عائلية، أو اضطرابات عاطفية رئيسية، تحدث بسبب انتشار خطوط الهاتف الإلكتروني. تواصل خفي وحذرت من تحول هذه العادة إلى إدمان عندما تسيطر بشكل كبير على الخيال فتصبح سيد الموقف لأن التواصل من خلاله خفي وغير معلوم ورغم ذلك يحقق نوعًا من الإشباع العاطفي والجنسي العالي، وتقول: الرجل عندما يمارس العلاقة الزوجية مع زوجته يسيطر عليه عنصر الخيال لما خزنه من تلك العلاقة فتشده لتكرارها أكثر مما يجب وفي ظنه حققت له نوعًا من السعادة فيدمنها، وعواقب هذا الإدمان أن يصبح البيت باردًا وترتفع مؤشرات الجفاء ونقص الحب والمودة والعاطفة بين الزوجين، وإن الأسباب النفسية للجوء أحد الزوجين لهذا النوع من الخيانة هو: حب المغامرة والانفتاح والمقارنة والمغريات والمشهيات التي أصبحت على بوفيه مفتوح لمتناول الجميع لتأخذ منه ما شئت وما تشتهي، والإنسان بطبعه مولع بحب الألوان والأنواع والأصناف كذلك الإهمال وعدم الاحترام وفقدان التقدير وعدم الإحساس بالحب وانشغال الزوجة والزوج عن البيت والأسرة والاهتمام الكامل بالعمل جميعها من المشهيات ومن أسباب الحاجة لمثل هذه العلاقات التي أصبحت من الخطورة أنها اجتاحت العالم بشقيه المحافظ والمنفتح وتداخلت الأبعاد والدوافع العاطفية والنفسية والاجتماعية والمادية والثقافية فيما بينها فولدت حاجة لها أسبابها ومبرراتها. جريمة شرعية ومن ناحيتها ترى العميد الأسبق لكلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر وعضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية د.أمنة نصير إننا نعيش في حالة تراجع فكري ونفسي وأخلاقي مما يجعل الرجل أو المرأة مقدمين على مثل تلك الأفعال وهم مرتاحو الضمير وهو أمر غير سوي ومنافٍ للفطرة. وأضافت إن من يبرر لنفسه حتى محادثة أخري عبر الإنترنت بأنه لم يرتكب أي نوع من أنواع الزنى غير طبيعي لأن الاعتياد على تلك الأمور وعلى تلك الحوارات سيتحول بمرور الوقت إلى اعتياد مرضي ومفسدة للوقت وللقلب وللنفس، وتؤكد أن الخيانة الإلكترونية جريمة دينية واجتماعية يجب التصدي لها لتطهير المجتمع من هذه الآفات الدخيلة عليه، خاصة أنها ليست جريمة واحدة بل عدة جرائم في آن واحد، فمشاهدة الصور والنظر إليها وهو ممنوع وحرام، قد يدفع إلى ارتكاب محرمات أو الوقوع في المعاصي أو الزنا، ولذا يجب أن يعلم المقدم على هذا الفعل أنه حرام ومعرفة الإنسان بحرمة الفعل من شأنها أن تزجره عن فعله، وقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه الخيانة بقوله: » إن من شر الناس الرجل يفضي إلى المرأة وتفضي إليه ثم ينشر سرها فقالت إحدى النساء: يا رسول الله بعضهن تفعل فقال: إنما مثلها كمثل رجل واقع امرأته على قارعة الطريق وجعل الناس ينظرون اليهما. وتابعت قائلة: إن الفقه القانوني والديني بالفعل مازال عاجزا عن إصدار أحكام في مثل هذه القضايا خاصة أنها تعددت في الآونة الأخيرة متسائلة: فماذا يفعل الزوج مع زوجته حتى لو لم يثبت انه رآها رأي العين تخونه مع آخر فما الذي يؤكد أن زوجته هذه لم تتقابل مع هذا الشخص، وتقول إن لزوج مطالب شرعا بالحفاظ على أسرار بيته خاصة علاقته الخاصة بزوجته والزوجة هي الأخرى مطالبة بعدم البوح بأي شيء يتعلق بالبيت للآخرين سواء أكان ذلك في محادثات هاتفية أو دردشة عبر الإنترنت، ولا بد أن يدرك كل من الزوجين أن إفشاء أسرارهما للآخرين يعد جريمة منكرة يحرمها الشرع، بل يبيح الشرع توقيع عقوبة تعزيرية على كل زوج يتجرأ أو زوجة تتجرأ على كشف هذه الأسرار الزوجية للآخرين، ولقد خربت بيوت كثيرة بسبب برامج الفضفضة عبر الإنترنت وقد عرضت على حالات متعددة من المشكلات الزوجية التي نشبت بسبب ذلك وانتهت بالطلاق وتخريب بيوت وتشريد أطفال وإفساد أخلاق. أول كلمة واعتبر العميد الأسبق لكلية الدراسات الإنسانية بجامعة الأزهر د. نبيل السمالوطي أن الإنترنت سلاح ذو حدين يمكن استخدامه في الخير ويمكن استخدامه ويمكن أن يكون أيضًا تعارف الكثيرين بهدف الزواج والارتباط، وإن كل شيء حلاله حلال وحرامه حرام وبالتالي لا يمكن لنا أن نستصدر فتوى بتحريم الإنترنت بشكل عام ولكن يمكننا تحريم الحديث في أمور غير شرعية مثل الجنس والحب والعرض الجسدي، وإن ويؤكد أن الخيانة هي خيانة سواء عن طريق الشبكة العنكبوتية أو عن طريق اللقاءات الشخصية، أو أي شكل. وأضاف أن الغرب قد نجح في كسر حياء البيت المسلم فالخيانة الزوجية تبدأ من الدماغ ومن الخيال بالتحديد فالرجل أو المرأة اللذان ينخرطان في علاقة على الإنترنت غالبا ما يتبادلان الصور والمعلومات الخاصة والمشاعر وهذه كلها انتهاكات واضحة للعلاقة الزوجية سواء للرجل أو الفتاة أو لكليهما فما قد يبدأ كتعارف برئ قد ينتهي بفضيحة كبري، ولأن العقل سيتوقف عن استيعاب هذه الأفكار الخيالية ويطالب بواقع ملموس وحسي وعندها فقط ستثبت الخيانة، ولكن لماذا ننتظر حتى يصل الأمر إلى العلاقة الجسدية لنصفها بالخيانة، هي خيانة منذ أول كلمة نطلب فيها التعارف على شخص أخر غير الشريك لأي سبب كان.