يتجه حزب العدالة والتنمية الذي ينتمي اليه رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الى تحقيق الفوز في الانتخابات البرلمانية التي أجريت يوم الأحد، 12 يونيو 2011، بحصوله على 50.2 في المئة من الاصوات لكنه لن يحصل على الارجح على عدد كاف من المقاعد يمكنه من الدعوة الى استفتاء على دستور جديد. وأصبحت تركيا الدولة التي يغلب المسلمون على سكانها والطامحة للانضمام الى الاتحاد الاوروبي قوة اقتصادية وطرفا مؤثرا على الصعيد الدولي منذ وصول حزب العدالة والتنمية بزعامة اردوغان الى السلطة لاول مرة عام 2002. واذا تأكدت النتائج الجزئية التي أعلنت بعد فرز 90 في المئة من الاصوات سيضطر حزب العدالة والتنمية الى عقد اتفاقات مع أحزاب أخرى ليتمكن من المضي قدما في خططه لاستبدال الدستور الحالي الذي وضع قبل نحو 30 عاما خلال فترة من الحكم العسكري. وتعهد اردوغان بالعمل مع المنافسين لتحقيق توافق بشأن دستور جديد لتركيا. وقال في كلمة للمؤيدين من شرفة مقر حزب العدالة والتنمية في انقرة "الشعب ابلغنا رسالة ببناء الدستور الجديد من خلال التوافق والتفاوض." واضاف "سنناقش الدستور الجديد مع احزاب المعارضة." وأفادت محطة تلفزيون (سي.ان.ان ترك) بأن نتائج عمليات الفرز التي لم تكتمل بعد تشير الى أن حزب العدالة والتنمية يتجه الى الحصول على 327 مقعدا في حين يحتاج الى 330 مقعدا لاجراء استفتاء. وكان الحزب يشغل 331 مقعدا في البرلمان السابق. ويتوقع أن يسلب هذا التراجع في عدد المقاعد بعض البريق من نجاح الحزب في تحقيق الفوز للمرة الثالثة على التوالي بأربع سنوات أخرى من حكم الحزب الواحد. لكن محللين يزعمون أن ذلك سيكون أمرا جيدا لكل من الاقتصاد والديمقراطية في تركيا. وقال فولفحانج بيكولي المحلل في مجموعة يوراسيا الاستشارية للتنبؤ بالمخاطر في لندن "نتائج الانتخابات تتجه على ما يبدو نحو أفضل الاوضاع للاسواق.. أعلبية قوية تقل عن 330 مقعدا أو أكثر المطلوبة لتعديل الدستور وطرحه للاستفتاء." وأضاف "اذا لم يفز حزب العدالة والتنمية بثلاثمئة وثلاثين مقعدا فسيضطر الى اجراء مفاوضات مع المعارضة بخصوص التغيرات المرغوبة. وهذا الوضع سيساعد في تقليص مخاطر حدوث المزيد من الاستقطاب." وذكرت المحطة التلفزيونية أن حزب الشعب الجمهوري الذي ينتمي الى يسار الوسط يتجه للحصول على 25.8 في المئة في حين سيحصل حزب الحركة القومية اليميني على 13.2 في المئة متجاوزا حاجز العشرة في المئة اللازم لدخول الاحزاب البرلمان. ولم ترد تقارير تذكر عن مشكلات حتى في المنطقة الكردية المضطربة حيث لعب الاداء القوي للمستقلين الذين رشحهم حزب السلام والديمقراطية المؤيد للاكراد دورا كبيرا في حرمان حزب العدالة والتنمية من الحصول على مزيد من الاصوات. وقال الكردي صراف الدين الجي الذي يحتمل حصوله على مقعد في البرلمان عن مدينة ديار بكر في حنوب شرق تركيا لرويترز "شعبنا يريد حل القضية الكردية بوسائل سلمية وديمقراطية. سنعمل من أجل ذلك وسوف نناضل لتحقيق مطالب الشعب الكردي بالدستور الجديد." وأضاف "هذا نجاح هائل لنا. نتوقع أن يحمل رئيس الوزراء أملا قويا في حل للمشكلة الكردية من أجل مستقبل تركيا." واعتمدت شعبية اردوغان على نجاحه في بناء اقتصاد مزدهر وانهاء عقود من الانقلابات العسكرية وخطط الانقاذ المالي الدولية الفاشلة. وكان مبعث الشك الوحيد بخصوص انتخابات يوم الاحد هو هامش فوز اردوغان في ضوء سعيه لوضع دستور جديد. وكانت هناك تكهنات بأن اردوغان سيسعى الى تحويل الحكم في تركيا نحو نظام له المزيد من خصائص النظام الرئاسي لتحقيق هدف نهائي هو أن يصبح هو نفسه رئيسا. ولكن اردوغان الذي خرج حزبه من عباءة حركات اسلامية محظورة يقول ان الدستور الجديد سيقوم على أساس المبادئ الديمقراطية والتعددية الامر الذي سيقرب تركيا من معايير عضوية الاتحاد الاوروبي. ويضرب المطالبون بالديمقراطية في انتفاضات "الربيع العربي" في الشرق الاوسط وشمال افريقيا في كثير من الاحيان المثل بتركيا وحزب العدالة والتنمية. ورغم أن المستثمرين الاجانب ينظرون في العادة الى حزب العدالة والتنمية باعتباره الاكثر تأييدا للسوق يقول منتقدون لاردوغان انه ينتهج مسلكا استبداديا. ويشير معارضون كذلك الى لجوء أجهزة الدولة على نحو متزايد الى التنصت على المحادثات واعتقال الصحفيين المنتقدين للحكومة والمحسوبية واتساع الفجوة بين الاغنياء والفقراء. وحذر محللون من أن الحكومة الجديدة ستواجه تحديات اقتصادية خطيرة. فالعجز في الحساب الجاري يتضخم وهناك حاجة لتحجيم السياسة المالية للحد من تدهور الاقتصاد كما أن البطالة بين الشباب مرتفعة في بلد يبلغ متوسط الاعمار فيه 28 عاما.