أصدرت محكمة في موسكو، الخميس 30 ديسمبر 2010، على قطب النفط الروسي السابق ميخائيل خودوركوفسكي حكما بالسجن 14 عاما بعد ادانته بسرقة النفط وتبييض اموال، فيما اكد الدفاع ان الحكم جاء بناء على امر من خصم خودوركوفسكي اللدود رئيس الوزراء فلاديمير بوتين. وبموجب الادانة، فان هذا الحكم يعني ان خودوركوفسكي وشريكه بلاتون ليبيديف سيمكثان في السجن حتى 2017 بعدما اخذت المحكمة في الاعتبار العقوبة التي امضياها منذ توقيفهما في 2003 في اطار القضية الاولى المتعلقة بالتهرب الضريبي، مما يبعد معارضا رئيسيا لبوتين عن الساحة السياسية لسنوات مقبلة. وقال القاضي فيكتور دانيلكين انه لا يمكن تعليق الحكم الصادر بحق المدانين. وجاءت تلاوة الحكم في قاعة المحكمة المكتظة لتتوج اكثر المحاكمات اثارة للجدل في تاريخ روسيا ما بعد الحقبة السوفياتية، والتي قال ناقدون ان الهدف منها معاقبة خودوركوفسكي لتجرؤه على معارضة بوتين. وذكر مراسل لوكالة فرانس برس من قاعة المحكمة ان امرأة يبدو انها والدة خودوركوفسكي صاحت عند تلاوة الحكم "لعنة الله عليكم وعلى نسلكم". الا ان رد فعل المدانين كان هادئا. وجاء الحكم على كل من خودوركوفسكي وليبيديف بالسجن 14 عاما لكل منهما، مطابقا تماما للعقوبة التي طالب بها الادعاء. وقالت ليودميلا الكسييفا احدى ابرز ناشطات حقوق الانسان، ان الحكم "قاس ومعيب يظهر غياب المحاكم المستقلة في روسيا". وصرحت لوكالة انترفاكس ان "محكمة مستقلة لم تكن لتصدر مثل هذا الحكم في هذه القضية الغريبة". وسيبقى الرجلان في السجن حتى 2017 بعدما اخذت المحكمة في الاعتبار العقوبة التي امضياها منذ توقيفهما في 2003 في اطار القضية الاولى المتعلقة بالتهرب الضريبي، حسبما ذكر موقع هيئة الدفاع عن خودوركوفسكي الذي كان اغنى رجل في روسيا. وصرح محامي الدفاع يوري شميدت للصحافيين عقب صدور الكم "هذا ليس حكما، هذه قضية من انعدام القانون"، متعهدا بالطعن في الحكم. واضاف ان "السلطة التنفيذية التي يترأسها بوتين مارست ضغوطا" على المحكمة. وعلق خودوروفسكي على الحكم بقوله في بيان قرأه احد محاميه "مثالنا دليل على انه لا يوجد في روسيا امل بالحماية من البيروقراطيين. لكننا لن نصاب بالاحباط". وكان القاضي دانيلكين دان المتهمين في وقت سابق من هذا الاسبوع في محاكمة ثانية تتعلق بتبييض الاموال والاختلاس، وهو الحكم الذي ادانته الولاياتالمتحدة والدول الاوروبية ووصفته بالانتقائي. وفي رد فعل على الحكم اعلنت المانيا عن "قلق شديد". وقال متحدث باسم المستشارة انغيلا ميركل الخميس ان "سير المحاكمة والحكم الصادر تثير اسئلة جدية بشان احترام دولة القانون وتمثل خطوة الى الوراء على طريق تحديث روسيا الذي دعا اليه الرئس (ديمتري) مدفيديف". وقال رئيس البرلمان الاوروبي جرزي بوزيك في بيان ان امام روسيا "طريق طويل" لتحديث نظامها القضائي. وصرح القاضي امام المحكمة ان "اصلاح خودوركوفسكي وليبيديف ليس ممكنا الا بعزلهما عن المجتمع". وقضت اجراءات اصدار الحكم الروسية بان يتلو القاضي مئات الصفحات بعد اصداره حكما بالادانة الاثنين قبل ان يعلن قراره. وفي مشهد غريب تلا دانيلكين الادانة الكاملة دون ان يرفع عينيه عن الوثيقة او ينظر الى هيئة المحكمة، وكانت كلماته في الكثير من الاحيان غير مسموعة. ويقبع خودوركوفسكي في السجن منذ ان اقتاده رجال الامن الروسي عنوة من طائرته الخاصة في اكتوبر 2003. وقال انصاره انه يعاقب لانه تجرأ على تمويل معارضة بوتين الذي كان رئيسا في ذلك الوقت. وكان خودوركوفسكي (47 عاما) يرأس "يوكوس" اهم شركة في القطاع النفطي وافضلها ادارة. وفي المحاكمة الجديدة ادين بسرقة 218 مليون طن من النفط من شركة يوكوس في الفترة من 1998 وحتى 2003 وتبييض 487 مليار روبل (16 مليار دولار) و7,5 مليار دولار من عائدات النفط. ووصف الدفاع التهم بانها مستهجنة للغاية لان كمية النفط التي قيل انه سرقت تعادل مجمل انتاج يوكوس في تلك الفترة. واضاف القاضي في وقت سابق تهمة اخرى الى خودوركوفسكي وهي انه قدم جميع التقارير المالية باللغة الانكليزية فقط. وتساءل بوريس والد خودوركوفسكي "اذا سرقوا مليارات الدولارات، فانني اسأل: اين هي هذه المليارات؟ .. هل لديه اية ممتلكات شخصية الان؟" وكان الحكم متوقعا حتى قبل ان يؤكد بوتين في تصريح على التلفزيون الروسي الشهر الماضي ان "اللص مكانه السجن"، وهو التصريح الذي فسر على انه امر صريح للمحكمة بادانة خودوركوفسكي مرة اخرى.