بعد تلقيها عدة ضربات تفاوتت ما بين تراجع التوزيع الورقي وانحسار الإعلانات التجارية، تلقت سوق الصحافة السعودية ضربة جديدة وقاصمة لصفحاتها وأعمدتها المطبوعة، يرجح بأن تكون بمثابة المسمار الأخير في نعش الصحف والمجلات المطبوعة التي توزع داخل السعودية سواء محلية أو حتى أجنبية. وتمثلت هذه الضربة الجديدة بإعلان الشركة الوطنية للتوزيع عن توقف نشاطها في توزيع الصحف والمجلات نهائيًا مع نهاية شهر نوفمبر 2018م، بسبب ظروف مالية تمر بها الشركة تمثلت في ارتفاع المديونات المستحقة للغير على الشركة إلى أكثر من (85 مليون ريال) ، إضافة إلى عدم قدرة المؤسسات الصحفية على معالجة المديونيات المستحقة عليها لصالح الشركة والتي تجاوزت (40 مليون ريال)، ونتيجة لذلك لا تستطيع الشركة الاستمرار بالعمل. وفي خطابها الموجه إلى وزير الإعلام، وإلى أعضاء مجلس إدارة الشركة الوطنية للتوزيع، أشارت الشركة إلى ظروف مالية صعبة تمر بها وتزداد سوءاً يوما بعد يوم نتيجة لاستمرار الارتفاع في التكاليف التشغيلية ورسوم الخدمات والعمالة وتكاليف المحروقات، وكما جاء في خطابها الذي حصلت "عناوين" على صورة منه، ذكرت الشركة أن هذه الظروف أدت إلى التالي: ارتفاع المديونات المستحقة للغير على الشركة حيث بلغت أكثر من (85 مليون ريال) يمثل جزء كبير منها مستحقات عاجلة لعدد من الجهات الحكومية. تعرض الشركة إلى غرامات مالية نتيجة تأخرها في سداد رسوم العمالة والإقامات والعمل، بالإضافة إلى توقيف خدماتها في فترات مختلفة لعدم التزامها بسداد الرسوم الحكومية. توقف العديد من عملاء الشركة المؤثرين عن الاستمرار في التعامل مع الشركة نتيجة التأخر في سداد مستحقاتهم مما يؤثر بشكل سلبي على نتائج الشركة. إيقاف شركات التأمين الطبي والسيارات لخدماتها مع الشركة نتيجة لتأخير سداد مستحقاتهم. تأخر صرف رواتب الموظفين والعاملين في الشركة مما أدى إلى تذمرهم وأثر على أداءهم وإنتاجيتهم. التقليص في عدد خطوط التوزيع وإيقاف التوصيل لبعض القرى مما أثر على جودة الخدمة التوزيعية المقدمة. وفي حال تنفيذ قرار التوقف عن التوزيع فعليا من قبل شركة الوطنية، سيكون الطريق الوحيد للوصول إلى الجمهور؛ من خلال نظام الاشتراكات فقط، وهو الأمر الذي سوف يتضرر منه قطاع الصحف بشكل أكبر من المجلات التي تعتمد غالبا على الاشتراكات، وصرح أحد العاملين في إحدى المجلات السعودية ل "عناوين" أن نسبة التوزيع الكبيرة بالنسبة للمجلات السعودية المشهورة مخصصة للاشتراكات وليس عبر منافذ البيع، لذا سيكون من السهل إيصالها للمشتركين والاستمرار بالطباعة. وفي نظرة إلى الوراء لقراءة واقع توزيع المطبوعات الصحفية في السنوات العشر الأخيرة أو أكثر بقليل، تلقى سوق الصحف والمجلات أولى ضرباته من قبل مكتبة وشركة جرير التي توقفت عن توفير الصحف والمجلات المعروفة، ليكون تركيزها فقط على مجلات في مجال التصميم والديكور والأزياء والكاتالوجات المتخصصة في هذا المجال. ثم لحقتها في تنفيذ الخطوة نفسها أسواق بندة التابعة لشركة بندة للتجزئة، التي ألغت قسم الصحف والمجلات، ليكون مخصصا لبعض الكتب المشهورة في مجال تطوير الذات، والروايات، والطبخ، وكتب التلوين والقصص للأطفال. ثم تباعا توقفت كثير من منافذ البيع الصغيرة مثل البقالات، والمحطات، والأسواق متوسطة الحجم، عن عرض الصحف والمجلات وتخلصت من حامل الصحف المشهور، بسبب انعدام البيع تقريبا في كثير منها. وفي قرار جديد بدأت شركة أسواق التميمي في تنفيذه شهر يونيو الماضي، وهو إلغاء قسم الصحف والمجلات من جميع فروعها في السعودية، وفي الوقت التي أبقت فيه بعض الفروع على المجلات فقط، تخلصت فروع كثيرة من قسم الصحف والمجلات بالكامل، ليحل مكانه قسما لعرض أكياس التسوق. ولم يتبق من منافذ البيع الكبيرة والمنتشرة في السعودية سوى: أسواق المزرعة، الدانوب، مانويل وبعض المحلات أو المكتبات الصغيرة والقليلة وغير المعروفة، وغالبا هذه المحلات الصغيرة من مطتبات وأسواق تركز على الإصدارات المشهورة من الروايات، وكتب الطبخ، وكتب التلوين وقصص الأطفال فقط، وليس الصحف والمجلات. وفي معلومات خاصة حصلت عليها "عناوين" من مصدر مطلع، كشف أن جميع الصحف الورقية العربية والإنجليزية بما في ذلك "الشرق الأوسط" و"الحياة" لا تتجاوز مبيعاتها 30 ألف نسخة باليوم، في حين بلغت الاشتراكات الحكومية والفردية لجميع الصحف الورقية العربية والإنجليزية 200ألف نسخة، 80% منها اشتراكات حكومية. وأضاف المصدر أن هناك صحف ورقية لا توزع أكثر من خمسمائة (500) نسخةيوميًا. والمباع من الصحف مجتمعةلا يتجاوز 7500 نسخة يوميًا.