بدأ تأثير الإعلام الإلكتروني والمرئي جليا على أرقام توزيع المجلات التي سجلت تراجعا كبيرا وصل بكثير منها إلى الانهيار الكامل. بعض تلك المطبوعات ما زالت تبحث عن الخروج من مأزق التفليسة، مترنحة بين تقليد المجلات العالمية في الشكل والطرح وبين البحث عن عوامل عصرية مساندة. ورغم أن تراجع أرقام التوزيع طال الإعلام الورقي بمختلف أشكاله إلا أن الصحف العربية ما زالت أقل تأثرا من المجلات ومن نظيراتها في الدول الغربية، حيث شهدت الولاياتالمتحدةالأمريكية عام 2010م إغلاق 13 صحيفة أعلنت إفلاسها بسبب الإنترنت. وأفادت إدارة الشركة السعودية للنشر والتوزيع بأن التدني في مستوى بيع المجلات في المملكة بدأ منذ عام 1995 في الوقت الذي شهد انتشار القنوات الفضائية، لافتة إلى أن أكثر المجلات في الخليج تهتم بالمجال الفني، مما يجعل أغلفتها مرتعا لصور الفنانات والفنانين بهدف زيادة أرقام التوزيع. المواقع التفاعلية وأوضحت الشركة السعودية للنشر بأن انتشار الفضائيات والمواقع التفاعلية على الإنترنت مكن المتلقي من متابعة نجوم الفن ومعرفة مستجداتهم على وجه السرعة، كما أن الفضائيات ومواقع الإنترنت أتاحتا للمشاهد إمكانية الحديث مع نجمه المفضل عبر المداخلات المباشرة، وهذا ما لم تستطع المجلات توفيره. وأضافت «أن الخدمات الإلكترونية أصبحت بمثابة العامود الفقري الذي دونه تسقط المجلة، فالقارئ الآن أصبح لا يكتفي بدور المتلقي فقط، لأن خدمات المواقع التفاعلية ومنها الفيس بوك وتويتر وغيرها فتحت باب التحاور وإبداء الرأي، كما أن تطور التكنولوجيا جعل القنوات الإخبارية العالمية تعتمد مبدأ ما يطلق عليه (Citizen Journalism)، والذي يتيح للشخص إرسال تقارير مزودة بصور عالية الجودة من مقره في مختلف دول العالم، وذلك عن طريق أجهزة الهاتف النقال والكاميرات الصغيرة عالية الجودة». 15 سنة رئيس تحرير صحيفة عناوين الإلكترونية طارق إبراهيم أكد ل«عكاظ» أن هناك اعتقادا عند البعض ممن يتابعون ما يحدث في هذا العالم أن معظم التغيرات التي تحدث في أمريكا تحتاج خمس سنوات لتنتقل إلى أوروبا وتحتاج 15 سنة لتنتقل إلى الدول الأكثر تقدما في العالم العربي. وأضاف «في ظني أن هذا ما يحدث الآن لواقع المجلات الأسبوعية في السعودية، حيث بات واضحا أثر (النت) والإعلام الجديد على الإعلام التقليدي، فقد أعلنت العديد من الشبكات الإعلامية الكبرى في أمريكا وأوروبا قبل سنوات عن إغلاق مجلات تصدرها أو تحويلها إلى مجلات إلكترونية، وأوضحت في بياناتها أن مسببات الإغلاق هو ضعف الدخل المالي». واستطرد رئيس تحرير صحيفة عناوين «تكمن المشكلة في أن المجلات الأسبوعية وخاصة العامة منها تستهدف قراء يبحثون عن تفاصيل غير متاحة في الصحافة الورقية اليومية نظرا لماهية الصحف اليومية القائمة على السرعة وعلى الأخبار المختصرة بعيدا عن التحليلات العميقة والحوارات المطولة والصور الملونة الجميلة، لكن مع ظهور الإنترنت واتساع هامش الحرية تأثرت الصحف اليومية بشكل مباشر فما بالنا بالمجلات الأسبوعية، ولا يخفى على أحد أن كل الصحف التي تصدر من القطاع الخاص تقوم وتعتمد على الدخل الإعلاني وفي السنوات الأخيرة حدثت أزمة مالية عالمية لم تسلم من تبعاتها أي دولة بما في ذلك المملكة، وبالتالي انعكست الأزمة على حجم الإعلان في المجلات وصاحب ذلك ظهور مئات المجلات والصحف الإلكترونية، ومن هنا كانت الضربة موجعة للمجلات أكثر من غيرها، وبالتالي أصبح إغلاق هذه المجلات أمرا طبيعيا نتيجة للتطورات التي حدثت في عالم التقنية وانعكست مباشرة على المطبوعات الورقية بما فيها المجلات». وفي سياق متصل، تفيد إدارة دار نشر مقرها في لندن ولها إصدارات في الشرق الأوسط، بأن جميع المجلات في السنوات الثلاث الأخيرة أصبحت لا تستغني عن الخدمات الإلكترونية وتم إغلاق ما دون ذلك، وقريبا ستنعكس الآية وستصبح المجلات مؤازرة للخدمات الإكترونية وليس العكس كما هو الحال الآن. وأضافت ذات الدار بأنها تستبعد أن يختفي سوق المطبوعات تماما في الوقت الراهن بالرغم من التأثر السلبي الذي تعانيه، ولكنها لا تنكر تخوفها من الجيل الجديد أو الذي يطلق عليه (Generation Z) وهم الذين ولدوا في السنوات العشر الأخيرة وتربوا على الإنترنت وأصبحوا يعتمدون في دراستهم في المدارس على التكنولوجيا وليس على الكتب فقط كالأجيال السابقة، بالإضافة إلى أن شبكة الإنترنت في العالم الأول أصبحت متاحة ومفتوحة للمدينة بأكملها كخدمة (BT Open Zone) في لندن. الأزياء والموضة ويرى متخصصون أن مجلات الأزياء والموضة لها الحظ الأوفر في الاستمرارية في عصر فرض اهتماما بالغا بالشكل الخارجي وفتح الباب على مصراعيه لوكالات الدعاية والإعلان للاستثمار في هذا المجال. من جهة أخرى، رصدت «عكاظ» أوجه التشابه بين عدد من المجلات من حيث الشكل الإخراجي والطرح والتبويب، ولفتت إدارة إحدى المجلات السعودية المتخصصة في شؤون المرأة والناطقة باللغة الإنجليزية، إلى أن مطبوعتها تتعرض للسطو والتقليد الذي يصل إلى حد التطابق من مجلات أخرى نظرا لاحتلالها المراكز الأولى في موقع (IPSOS)، مؤكدة أن بحث تلك المجلات عن البقاء والاستمرار دفعها لهذا السطو غير المهني.