إن الله (عز وجل) خلق حواء من ضلع آدم – عليه السلام - لتأنس به ، وتحنّ إليه ، وتتقوى به وتستند عليه . ولا يكون هذا الأنس إلا مع زوج أو محرم ، ولا يحل هذا الحنين إلا لحبيب مشفق. ولا يكون الرجل قوة وسنداً للمرأة إلا إذا كان حريصاً عليها، غيوراً على عرضها ، يثأر لكرامتها ، ويغضب لانتهاك عفتها . بنيتي الحبيبة : لا أحد يحبك كخالقك ، ولا كائن يقدرك كمحرمك وأهلك ، ولا إنسان يحترمك إلا من يحترم دينه ووطنه . بنيتي: إن قلبي يحترق عليك ... ويبكي دماً على حالك ومآلك . فقد رأيتك تلبسين حجاباً غير شرعي، يزينك أكثر مما يسترك ، ويُغري بك ولا يحفظك . سألتك عن حجابك فما أجبتِ، ونصحتك فما اهتممت ، وكلمتك فنفرت وابتعدتِ . فيا حبيبتي : أذكرك بالسؤال يوم الوقوف بين يدي الله (عز وجل) ، فهل يسعفك صمتك ؟! وأذكرك عملك في صحيفتك يوم لا ينفع مال ولا بنون، هل يشرفك ويبيض صفحتك ؟! فيا بنيتي : هل نسيت أنك في مكةالمكرمة ، مهبط الوحي ومصدر النور ؟ فقد شع منها النور مبدداً الظلام ، وانتشر العدل ماحياً الظلم . وهل غفلت عن أن الذنب في مكة أعظم ، والتبرج فيها أقبح ؟! هل أغروك بمال زائل ، وبمتعة فانية ؟ حبيبتي : لقد أشفقت عليك ، أن يذهب شبابك خدمة لعبّاد الأموال ، ولعبة لأصحاب الشهوات ، يستمتعون بهذا القدُّ وذاك الجمال ، ويتصبحون بهذا الوجه وذاك الثغر البسّام . بنيتي : أنت لؤلؤة مكنونة ، وليس مكان اللؤلؤ الظهور والبروز ، بل هو داخل الدر مصون . بنيتي : أنت شمس لا تشرق إلا على مبصر أمين ، ونور لا يضيء إلا لمؤمن عفيف . أنت زوجة ، أنت أم ، أنت أخت ، أنت بنت ، لكل غيور محافظ ، ومسئول راعٍ . حبيبتي: لا تقولي رزقي وقوتي وعيشي ، فإن الله يرزق الطير مقصوص الجناح في فنن عالٍ ! ويرزق النملة في حجرها والحوت في البحر، والأعمى لا يبصر درباً، ولا يحسن حرفة، والكافر لم يسجد سجدة يوماً، والعاصي لم يشكر دهراً ، ولا ينقص ذلك من ملكه شيئاً ولا ينفد . أفلا يرزقك عيشاً كريماً ، ورزقاً حلالاً ، وقوتاً هنيئاً مريئاً . بنيتي : خدعوك فقالوا : الاختلاط أجازه أفاضل ، والعباءة الواسعة تعيق العمل ، والزينة تريح المشتري ، وغطاء الشعر حجاب مهم ، فاختزلوا الحجاب في طرحة ، والعفاف في ضحكة ، وأدب التعامل في لباقة وخضوع قول . بنيتي : إن الحياة قصيرة .. فرب عملٍ يختمها بخير ، ورب ذنب يختمها بسوء . وربما خرجت اليوم فلا تعودي الغد، وربما لبست اليوم وألبسوك الغد. بنيتي: لتكن قدوتك خديجة رضي الله عنها فما خرجت لتجارة ولا خالطت الرجال .. وفاطمة سيدة نساء العالمين رضي الله عنها ما عرفت بتبرج ولا تبذل . وعائشة الفقيهة المبرأة رضي الله عنها خمرت وجهها في شدة أمرها .. وصدقت مع ربها في محنتها .. فأكرمها الله بقرآن يتلى إلى يوم القيامة .. وبرأها من تهمة الإفك ووصمة العار .. ورقية وأم كلثوم وزينب، بنات بيت النبوة، طاهرات عفيفات مخدرات ، ما أثر عنهن عيبة ولا مذمة، بل سطر التاريخ سيرهن في صحائف ذهبية ، ورويت عنهن مآثر مرضي . بنيتي: ماذا سيكتب عنك التاريخ؟! ومن أي باب ستدخلينه؟! لن ينسى لك التاريخ أنك ساهمت في تغيير هوية بلاد الحرمين، وغيرت مجرى التاريخ .. فما عُرف بتاريخ الحرمين امرأة سافرة بائعة مخالطة للباعة والمارة والعامة ! وما عُرف بدواوين التراجم وسير الخالدات من امتهنت كمهنتك، أو برزت في أسواق الرجال كبروزك وظهورك .. بنيتي: خدعوك فلا تقبلي المساومة على دينك وعفتك بحجة العمل والحاجة. بنيتي هذه رسالة من مشفقة محبة .. ناصحة أمينة .. فاقبليها إن وجدت فيها دعوة لمعروف .. واتركيها إن كانت دعوة لمنكر .. فالخير أردت .. والإصلاح قصدت ..
أستاذ مساعد بجامعة أم القرى والمشرف على مركز إسعاد النسائي