يستضيف النظام الإيراني كثيراً من فلول منظمة القاعدة التي هربت من نيران القوات الأمريكية في افغانستان. ولا يوجد أي سبب منطقي لهذا الكرم الإيراني تجاه منظمة تدعي أنها سلفية متطرفة وتعادي أدبياتها المعلنة، أيديولوجية النظام الإيراني. وترفض إيران التعامل مع أي دولة أو منظمة ما لم تخدم المشروع الطائفي للنظام الإيراني. وباتت المنافع الإيرانية من نشاطات القاعدة واضحة، إلى درجة الاعتقاد أن القاعدة فرع من الحرس الثوري الإيراني. فالقاعدة في جزيرة العرب تخدم المشروع الإيراني لتفتيت اليمن وإشعال النيران في حدود المملكة الجنوبية، وأصبح مثبتاً التمويل الإيراني والخدمات التي تقدمها طهران لهذه المنظمة. ونشطت القاعدة في إيران، واستثمرت طهران هذا النشاط على أكمل وجه، فبحجة نشاط القاعدة، أشعلت طهران الحرب الطائفية في العراق، بهدف التمكين الكلي للأحزاب العراقية المسلحة الموالية لطهران. وقطفت طهران ثمار نشاطات القاعدة في العراق مثلما قطفت ثمار نشاطات هذه المنظمة في اليمن. وفي سوريا لم تكن طهران تستطيع إخفاء نشاطها العسكري الميليشي في سوريا، وكان لا بد لها من مبرر حينما تضطر لإعلان تدخلاتها. لهذا فجأة بدأت جبهة النصرة نشاطاتها في سوريا وسلطت عليها الأضواء بتعمد مقصود ومدروس وذي غاية. وقطفت طهران ثمرات وجود القاعدة في سوريا، بالحصول على حجة للإعلان عن وجود ميلشياتها التي تنخرط في حرب طائفية وعرقية في سوريا. وتسبب وجود جبهة النصرة وتضخيم دورها في تلكؤ الدول الغربية عن مناصرة الشعب السوري. وأصبح السوريون العزل يواجهون، وحدهم تقريباً، نيران نظام بشار وميلشيات طهران. وتعتبر طهران تأخير سقوط النظام بحد ذاته نصراً مهماً. وبعد ما لم تستطع ميلشيات حزب الله إخفاء مقتل العشرات من أفرادها في الأراضي السورية قبل يومين، أعلنت منظمة النصرة مبايعتها لأمير القاعدة أيمن الظواهري. وأعلنت منظمة القاعدة في العراق اندماجها مع جبهة النصرة في سوريا. وبلا شك فإن طهران بحاجة ماسة إلى هذين الإعلانين لتبرير تدخلها في سوريا. وهذا التوافق بين نشاطات القاعدة وإعلاناتها وبين الحاجة الإيرانية لهذه الإعلانات والنشاطات يثير الكثير من الأسئلة، حتى أنه لا يبدو غريباً أن تأتي إعلانات القاعدة تماماً في الوقت الذي تحتاج فيه طهران لمبررات كي تبدأ العدوانية. وقد حدث ذلك في العراق واليمن وسوريا ولبنان في مناسبات كثيرة. هل القاعدة تقدم خدمات لنظام إيران مقابل استضافة الكثير من كوادرها في طهران؟. أم أن طهران استولت كلياً على القاعدة وأصبحت هذه المنظمة جزءاً من المنظمات الميليشية التي تشكلها وتمولها طهران وتوجهها.