يوزع نظام الأسد ورعاته السيئات والآلام بالتساوي على كل السوريين والمقيمين في أراضيها، فالحرب التي يشنها النظام ضد الشعب السوري لم تنل من السوريين ومدنهم فقط، وإنما أيضاً مدت الفلسطينيين المقيمين في سوريا بنكبة أخرى، إذ فر آلاف من الفلسطينيين من سوريا بحثاً عن مقر للجوء ثان في لبنان والأردن هرباً من صواريخ نظام بشار الأسد وطائراته الحربية وميلشيات رعاته التي تنشر الموت وكل أنواع الكره في سوريا، والمفارقة أن نظام الأسد ورعاته في طهران يتغنون بتحرير فلسطين والفلسطينيين والقدس، لكنهم أصابوا الفلسطينيين بالنكبات في العراق وسوريا ولبنان، فبعد الاحتلال الأمريكي للعراق وحينما تمكنت المليشيات الإيرانية من السيطرة على العراق، برغبة وتأييد أمريكيين، أول من استهدفتهم ميلشيات طهران في العراق الفلسطينيين، حيث نفذت أول برنامج للتطهير العرقي في بلد عربي، وأجبرت عشرات الآلاف من الفلسطينيين على مغادرة العراق، ويتكرر هذه الأيام نفس السيناريو ضد الفلسطينيين، لكن في سوريا، حيث أجبرت العمليات الحربية التي يشنها نظام الأسد وحلفاؤه في طهران، عشرات الآلاف من الفلسطينيين على الهجرة مجددا، بينما وسائل إعلام النظام ورعاته وحلفائه تتغنى بالمقاومة وكرامة الفلسطينيين، وفي الوقت الذي يمارس النظام تهجير قسري ترهيبي لفلسطينيين يبسط الحماية والرعاية لمنظمات تحمل هوية فلسطينية، لكنها تابعة للنظام وتسانده في حربه ضد السوريين، وهذا يعني أن النظام يقسم الفلسطينيين إلى فلسطينيين قليلين حلفاء وأتباع يستحقون رعاية «النظام المقاوم» وفلسطينيين أغلبية مستقلين يستحقون التشريد والطرد من جنة المقاومة إلى بر المنافي، وسلوكيات النظام هذه تشكل تناقضاً فاضحاً بين الشعار والسلوك وبين القول والفعل، إذ تحتم الشعارات أن يعزز النظام الفلسطينيين وأن يرعاهم في كل مكان، لا أن يصب عليهم نيران الحقد والحرب كما تفعل إسرائيل، ووجد الفلسطينيون في سوريا أنفسهم بين خيارين أحلاهما مر. أما أن يتجندوا في فرق النظام وميلشياته ويشاركوا في المذابح ضد السوريين الذين استضافوهم وأغاثوهم ويدمروا المدن التي آوتهم وبعضهم نشأ في ثراها، أو يصنفهم النظام أعداء ويصب عليهم نيران الحقد أسوأ من السوريين فيتكبدوا مشاق هجرة أخرى، فانقسم الفلسطينيون إلى قسمين: قسم اختار النظام واغراءات رعاته وقبل أن يكون ترساً في آلة القتل الأسدية المدمرة، وقسم اختار أن يعبر الحدود هارباً من جحيم الحرب إلى مخيمات العراء واللجوء على أبواب الدول، ويتحمل المشاق والمكاره وشظف العيش والعوز والحاجة، وكلا الحالتين والقسمين يثبتان أن نظام الأسد يتبنى شعار المقاومة ليس تعزيزاً لفلسطين وإنما خدعة وتضليلا للفلسطينيين والعرب وغطاء للمخططات الإيرانية التي تستهدف العرب والهوية العربية لسوريا ولبنان والعراق وحتى فلسطين.