يستعيد السوريون، هذه الأيام، الذكرى الثانية لثورتهم، وهم مثخنون بالآلام، إذ يواجهون قوى تتمتع بأبشع وأقسى همجية . بعد الثورة اكتشف السوريون أن بلادهم لم تكن تحكم بنظام حكم طبيعي وإنما كانت سوريا مستعمرة من قبل شبكة إيرانية ضخمة بواجهة اسمها نظام الأسد وبعنوان تضليلي هو المقاومة. وكل الأسلحة التي كانت الشبكة توهم السوريين أنها تعدها لمقاومة إسرائيل ، كانت في الواقع تكدس وتستهدف السوريين إنسانا وأرضاً ووطناً. واكتشف السوريون واللبنانيون أيضاً أن المنظمات الكثيرة التي ترفع شعار المقاومة ليست إلا وكالات إيرانية تحارب لصالح إيران وتسالم باسم طهران وتنفذ أوامر إيرانية، ولا علاقة لها بأي مقاومة. يستعيد السوريون ذكرى الأيام الأولى لثورتهم قبل سنتين، وهم يتلقون صواريخ سكود وقنابل الطائرات من النظام الذي أقسم على الولاء لهم وحمايتهم، ومن النظام الذي سحب فرقه العسكرية من جبهة الجولان وزج بها في معارك ضد المدن السورية. وأصبح العدو الحقيقي للنظام ورعاته هم السوريين وليس إسرائيل التي لم يطلق النظام عليها أية رصاصة، على مدى 40 عاماً، على الرغم من إسرائيل قصفت عدة مرات مواقع في عمق الأراضي السورية. وذلك يعني أن شعارات المقاومة التي كان يتبناها إعلام النظام ورعاته لم تكن إلا تنويما للسوريين وتخديرا للعرب. وكانت مهمة سوريا الحقيقية هي أن تكون مركز عمليات عدوانية إيرانية ضد الأمة العربية وحياكة المؤامرات والفتن وزعزعة استقرار الدول العربية وزرع الفرقة والنزاعات بين شعوبها. وسوريا نموذج حي على هذه المؤامرة لأن النظام ورعاته ينفذون الآن معركة عدوانية شرسة ضد السوريين، ويمارسون تطهيراً طائفياً صريحاً في أوساط السوريين، بل والأكثر من ذلك أنهم ينهضون بمهمة لتدمير سوريا ما دام أنها لم تعد وكالة تخدم مصالحهم وخططهم. وواضح أن هجمة النظام ورعاته بأسلحتهم الفتاكة لا تستثني أي سوري لم يعد مطيعاً لهم ومنفذا لخططهم، ورمت طهران بكل قوتها إلى جانب النظام بما في ذلك استيراد ميلشيات من لبنان والعراق لمواجهة الثورة المجيدة. ولكن يبدو أن السوريين مصممون على إفشال المشروع الإيراني ودحر عصاباته وتنظيف سوريا من الوكالات المتنقلة التي ربتها إيران ومولتها للعدوان على الأمة العربية. وقد كشف الثوار السوريون عن وثائق عثروا عليها في المناطق المحررة، تؤكد أن النظام لم يكن حكومة بقدر ما كان تشكيلا عصابيا له فروع ووكلاء وعملاء يمارسون الجريمة بكل أنواعها، ويخلصون لطهران وكل أعمالها الشيطانية في الوطن العربي.