فالاتجاه نحو المسح الضوئي للاطلاع على هذه البيانات بديل لا مناص منه. المسح الضوئي أو ما يعرف ب Flashing هو طريقة سريعة تعتمد المسح السريع للبيانات دون فهم بقدر ما هو تصنيف البيانات حسب اهتماماتنا وإزالتها بسرعة. إن المسح الضوئي يثير أسئلة حرجة لمصير أدوات التثاقف. بالتأكيد إن القراءة المنهجية التي يعتمد عليها الإنسان في تأصيل و بناء ثقافته تتعرض لهجوم جارف من قبل ما ينتجه المسح الضوئي من وجبات قرائية سريعة. إنه عالم الوجبات السريعة فلماذا لا يكون كذلك في عالم القراءة؟. إن الوجبات السريعة التي ينتجها المسح الضوئي تخلق و بشكل بطيء تسطيحاً للعقل و تجريفاً للمنهج الفكري للمجتمع. إن الخلط بين تطبيقات التواصل و أدوات التثاقف فيه يكمن الخطر القاتل الذي ينتج جيلاً من البلهاء الذين لا شغل لهم إلا مسح البيانات وتناقلها دون استيعاب أو تحليلإن الإشكال الخطير الذي تواجهه أجهزة البناء الثقافي في المملكة هي الخطط و التحضيرات اللازمة في استيعاب هدا التنامي المتزايد لاستبدال القراءة التقليدية بالمسح الضوئي مع وصول الهواتف الذكية لكل مستخدم حتى الأطفال. إن الوجبات السريعة التي ينتجها المسح الضوئي تخلق و بشكل بطيء تسطيحاً للعقل و تجريفاً للمنهج الفكري للمجتمع. إن الخلط بين تطبيقات التواصل و أدوات التثاقف فيه يكمن الخطر القاتل الذي ينتج جيلاً من البلهاء الذين لا شغل لهم إلا مسح البيانات و تناقلها دون استيعاب أو تحليل. إن الواتساب وغيره لا يخلق ثقافة بديلة للثقافة الاصيلة ولا يعد حتى مصدراً بحثياً معتمداً لتزويد المستخدمين بالمعلومات بل هو أداة تواصل لا ثقافة، فكيف و قد أصبح ثقافة بحد ذاته. لعل صوت الإنذار خافت ويمكن تضخيمه من خلال مقارنة بين حجم مبيعات الكتب في معرض الرياض الدولي للكتاب و حجم تنامي سوق الأجهزة الذكية في المملكة. فقد نقلت الصحف المحلية أن حجم مبيعات الكتب في معرض الرياض بلغت 25 مليون ريال و بلغ زوار المعرض سبعمائة ألف. و إذا ما اعتبرنا معرض الكتاب دائماً فهل يستطيع منافسة مبيعات الهواتف الذكية؟ في محاضرته في مؤتمر التقنية بلا حدود 2011بين المهندس عبد الله الكنهل مدير إدارة تطوير الخدمات في قطاع الأفراد لشركة الاتصالات السعوديه أن عدد مبيعات الهواتف الذكيه في السوق السعودي وصلت بنسبة 30 بالمائة وهنالك 4 ملايين مستخدم للهواتف الذكية في السعودية وهي قابلة للزيادة في العام 2012 حيث من المرجح وصولها إلى 6.19 مليون مستخدم للهواتف الذكية وتعتبر المملكة من الدول العشرة الأكثر استخداماً لتطبيقات الهواتف الذكية بنسبة وصلت إلى 388 بالمائة .إن التمييز بين القدرة الخدماتية للهواتف الذكية لسعة تطبيقاتها و اعتبارها مصدراً للتثاقف هو حجر الزاوية في المعضلة التي يجب أن يبدأ صانع القرار مواجهتها لأن قضية الثقافة تعني أن البنى التحتية للهوية العربية الإسلامية للمجتمع ستجرف بشكل هادئ حتى تنهار على أعقابها وعندئذ نضيف لتخلفنا بعداً جديداً. المسح الضوئي و ثقافة الوجبات السريعة يعني أن إهمال التدارك لوضع المحددات التربوية و العلمية لهذه التقنية التي لا محالة ستقضي على الكتاب الورقي و ستقلص الفجوة حتى تضمحل بين القراءة التقليدية و الالكترونية و عندئذ يمكن التنبؤ بشكل مجتمع العقد القادم من الألفية الثالثة بأنه مجتمع يدرك قضاياه بالاستحسان و التصويب المزاجي و ليس بالأدوات العقلية والعلمية. [email protected]