أطل شبح الفتنة مجددا على لبنان ، عبر الاعتداء الآثم الذي تعرض له الشيخان من دار الفتوى مازن حريري وأحمد فخران في الخندق الغميق، والشيخان حسن عبد الرحمن وعدنان أمامة في الشياح، من قبل بعض الشبان الموتورين، الأمر الذي أدى الى توترات في الشارع، كادت تتطور الى ما هو أسوأ وأخطر، لولا مسارعة الجيش اللبناني الى توقيف خمسة متورطين في الاعتداءين، وسط استنكار سياسي شامل لهذا الاعتداء الذي مسّ كل لبناني شريف، بمعزل عن انتمائه المذهبي. وشهدت بعض احياء بيروت توترا وقطع طرق في وقت متأخر من الليلة قبل الماضية , بعد الاعتداء في حادثين منفصلين على ثلاثة رجال دين سنة في مناطق ذات غالبية شيعية، ما اثار غضبا عارما في المناطق السنية . وافادت الوكالة الوطنية للاعلام الرسمية عن «تعرض الشيخين في دار الفتوى مازن حريري واحمد فخران لاعتداء في منطقة الخندق الغميق» ذات الغالبية الشيعية، «اثناء مرورهما متوجهين الى مسجد محمد الامين» الواقع وسط العاصمة. ونقل حريري وفخران الى مستشفى المقاصد في غرب المدينة. وفي حادث منفصل، افادت الوكالة عن تعرض شيخ ثالث هو عمر الامامي «لاعتداء في الشياح» ذات الغالبية الشيعية، والواقعة على اطراف الضاحية الجنوبية للعاصمة. وتجمع عشرات الشبان خارج حرم مستشفى المقاصد مطالبين بإلقاء القبض على المعتدين. كما عمد شبان غاضبون الى قطع بعض طرق العاصمة بالاطارات المشتعلة، ومنها اوتوستراد المدينة الرياضية، وكورنيش المزرعة، وقصقص القريبة من الضاحية الجنوبية التي تشكل معقلا لحزب الله وحركة امل الشيعيين. كما افادت وسائل الاعلام عن قطع طرق في مناطق اخرى، منها طريق المصنع الدولية التي تربط بيروت بدمشق، اضافة الى مدينة صيدا ذات الغالبية السنية. توقيف 5 معتدين وفي بيان اصدرته قرابة منتصف الليل، اعلنت قيادة الجيش-مديرية التوجيه انه «على أثر الاعتداء الذي تعرض له عدد من المشايخ في منطقتي الخندق الغميق والشياح، قامت دورية من الجيش بدهم منازل المعتدين، حيث تمكنت من توقيف خمسة منهم»، مشيرة الى استمرارها «في ملاحقة باقي المتورطين لتوقيفهم». من جهته, قال رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي الموجود في روما: «حمى الله لبنان من هذه الفتن وسيحاسب المعتدون من اي طرف كانوا»، وذلك في تغريدة عبر حسابه الخاص على موقع «تويتر». كما استنكر الحادث حزب الله وحركة امل، وهما الحزبان الاكبر في الطائفة الشيعية، معتبرين في بيان مشترك انه محاولة «لاثارة الفتنة»، وداعين الى محاسبة المرتكبين. تزامن وتساؤل وبرغم عدم وجود أي تغطية سياسية للفاعلين، إلا ان تزامن الحادثتين في يوم واحد، وفي ظروف متشابهة، يدفع الى التساؤل عما إذا كان هناك رابط بينهما، وهل ثمة أصابع مشبوهة تقف خلفهما لإثارة الفتنة والفوضى، علماً أن المطلوب في كل الحالات إنزال اشد العقوبات بالمرتكبين وعدم التهاون في محاسبتهم، لأن ما فعلوه كاد يشعل حريقاً كبيراً في البلد. وما حصل هو جرس إنذار مدوٍ يؤشر الى التداعيات الخطيرة للمناخ الداخلي المحتقن وللخطاب السياسي والمذهبي المشحون، الأمر الذي يستوجب مراجعة شاملة من كل الأفرقاء لحساباتهم وأدبياتهم، قبل وقوع المحظور وفوات الأوان. وإزاء فداحة الاعتداء وجسامته. طرابلس تغلي على خط مواز، تلاحقت في طرابلس إشارات الفلتان الأمني التي تنذر بهبوب عاصفة على المدينة، في ظل تحكم المجموعات المسلحة بالأرض. وسجلت خلال الساعات ال 48 الماضية حوادث متلاحقة على محور التبانة وجبل محسن، من تبادل للقنص، وتصاعد الاعتداءات على المواطنين تبعاً لانتماءاتهم المذهبية، وإطلاق خمس قنابل يدوية في أماكن متفرقة، الى جانب سقوط قذيفة «إنيرغا» على أحد المنازل في الجبل لم تسفر عن إصابات. وقد استقدم الجيش اللبناني تعزيزات إضافية الى المنطقة، وسيّر دورياته في مختلف أرجاء طرابلس، وتحديداً على خطوط التماس.