حضرت «ندوة إعلامية» أو «منتدى» أو «ملتقى» أو «ورشة عمل» ضخمة، سمها ما شئت.. ولنقل أنه «الملتقى».. وكان «الملتقى» كثير الضجيج قليل البركة.. وما كان مفيداً ليس الملتقى الرسمي، إنما «الملتقيات الجانبية» أي الالتقاء بإعلاميين في بهو الفندق أو في «مقهى» الملتقى، وهذه «الجانبيات» يطلق عليها الصحفيون «هامش الملتقى»، وينشط فيها «دهماء» المهنة. وهم الإعلاميون المحترفون الذين لا يراهم نظار الملتقى إلا «دهماء»، إذ ما يعني المنظمين ليس الاحترافية وإنما «المباهاة» بالوظائف الرفيعة و«فكة» أخرى من قطع الديكور و«الحلويات»، كأن تدعى مذيعة جميلة لإدارة حلقة نقاش. فتجد في مقدمة المدعوين، رئيس تحرير، وأمين عام منظمة إعلامية، وسعادة رئيس شركة إعلامية، ومالك قنوات فضائية، واستاذ متعيلم كثير «الهياط» ومذيعة في طور التدرب والنمو تسنمت قائمة الحضور ليس لأنها إعلامية وإنما لأنها «صاروخ» (طبقاً للغة المقاهي). وفي العالم العربي كثير من هؤلاء، مع الأسف، «تبوأوا» هذه الأمكنة الرفيعة بالواسطة والمحسوبيات. لهذا السبب يحولون الملتقيات إلى «دعثة» وأحياناً إلى «معاطن» زبد. وطبعاً هذا لا يصح، وليس له مكان من الإعراب إلا في مضارب العرب. لهذا من المألوف أن تفيض، في «الملتقى» الرسمي، سيول خطابية كثيفة الزبد لا تمكث في أي أرض أو قلب، و«منمقات» تكتبها وتجهزها، في الغالب، سكرتارية المحاضر و«مفازيعه»، وأحياناً لا يجيد حتى قراءتها. وحينما يختتم الملتقى ب«النجاح الباهر» وبالشكر والثناء على المنظمين، وعلى الحاضرين وعلى المحاضرين (ذوي السيول الخطابية بالذات)، وأحياناً توزع دروع وهدايا ومكارم ومكرمات، لا يشعر المرء إلا أن الملتقى الرسمي كان مضيعة للوقت، وكثافة تلميعية لأشخاص بعينهم، ما عدا بعض ورش العمل الجانبية الصغيرة. ولا يعود المرء بفائدة إلا من التعارف والمناقشات والآراء الجانبية خارج الملتقى الرسمي. ومع الأسف تبدو لي هذه سليقة المؤتمرات والملتقيات و المنتديات العربية التي من فنونها وتقاليدها أنها تعد قائمة بأسماء مدعوين بعينهم لسنين طويلة لا تجدد ولا تعدل، كأن العالم العربي أمة ثكلى لا تلد ولا تنجب لدهور. وقد حدث أن أحد حضور الملتقى كان عميد كلية إعلام، كل ما يملكه فنون متنوعة من «تسونامي الهياط» وكان «الأستاذ الدكتور» يدعى إلى كل منتدى عربي قبل أن يطاح به بعد حركة تصحيحية في الكلية ، أطاحت أيضاً بصهره الذي عينه عميداً على الرغم من أنف المهنية وحرفية الإعلام وضجيج المطابع والملتقيات. وكم تمنيت لو أن نظار المنتديات والملتقيات الإعلامية والإدارية والفنونية، وحتى التقنية في العالم العربي، يعقدون «هوامش» ملتقيات، وليس ملتقيات، كي تكون الفائدة أعم وأعظم.. وتر من سبات القرى، وسكون ليل المسافات.. لك ومضة من قمر السرى.. وخفاف الناعسات.. من غدران حزوى.. وفياض الصمان، ودحول العرمة.. لك شهد الغيوم.. ورحيق الخزامى. وبهجة كثوب الدهناء إذ يصدح غيلان بطواريقه.. [email protected]