إذا ما عن للمرء أن يمارس جولة «تنويرية» في القنوات التلفزيونية العربية، فلن تصيبه الحيرة، ولن يتفاجأ أن العالم يتقدم، والمجتمعات العربية تتقدم، والشوارع تتطور، والمحلات تترع بالجديد، إلا المخيخات الإعلامية العربية كما هي. تكرر نفسها حد الملل، وتردد ذات الصيغ البالية. وهي كالعادة، وكما هو متوقع، منقسمة إلى حزبين: حزب الملائكة الأبرار، وحزب الأشرار الذين سيردون جهنم وبئس المصير، ولو بعد حين. ليس معقولاً ولا ممكناً أن يتطور كل شيء، ويبقى المخيخ الإعلامي العربي بأبعاده المتخلقة، جامداً ثابتاً صلباً، ولكن هذه «المعجزة» حدثت في مضارب العرب، على الرغم من أن مخيخات عزلى تمارس ومضاتها بخجل وفي الخفاء تقريباً، تحاول كسر المعجزة، وتعاند المستحيل الظلامي الجاثم على أنفاس الأمة. شاهد، تقريباً، أية قناة تلفزيونية عربية، تجد أن المعجزة تتجلى. كل قناة لديها سدنتها الأبرار الصالحين، وموالوها المصطفون الأخيار، يحذفون الآخر الشيطان الرجيم بأقذع الشتائم. وأكثر القنوات التي تمتلئ بالضجيج و«المهايطة» هي قنوات «المقاومين» ابتداء من قنوات الصداميين إلى قنوات السيد «اليماني»! وهي قنوات تعيش في «واقع الخيال» وأحلام يقظة. ليس معقولاً ولا ممكناً أن يتطور كل شيء، ويبقى المخيخ الإعلامي العربي بأبعاده المتخلقة، جامداً ثابتاً صلباً، ولكن هذه «المعجزة» حدثت في مضارب العرب، على الرغم من أن مخيخات عزلى تمارس ومضاتها بخجل وفي الخفاء تقريباً، تحاول كسر المعجزة، وتعاند المستحيل الظلامي الجاثم على أنفاس الأمةوهم مقاومون منذ أربعين عاماً، وإسرائيل تكبر وتمدد وتتبسم وتتجذر..! ولو لم يقاموا ولو لم يحولوا المقاومة إلى «هياط» يعم الثقلين، وأعطوا فرصة للمقاومة الغريزية الطبيعية، ربما لكانت إسرائيل إما غير موجودة أو متقزمة. وصرخ «مقاوم» في قناة «مقاومة» في برنامج «مقاوم» يعده مذيع «مقاوم» قائلاً «إنني أدعو إيران إلى اشعال ثورة في القطيف والخليج». مما يعني أنه يعلم أن لإيران أصابع في القطيف والخليج. ولكن أهل القطيف تبرأوا من إيران وأصابعها. ولهم في شيعة الأحواز أسوة ومثلاً. العالم يتطور ويصبح أكثر تلاحماً وسلاماً والعالم العربي يتطور ويصبح أكثر إقصاء وفرزاً وكرها، وغوغائيات توزع مجاناً في طبقات السماوات العلا. *وتر صدى صوتها يسافر في شوارع منهاتن الضيقة يناطح جدران غابة الأسمنت.. وفي خيمة مهددة بالرحيل.. تضيء شمعة ومضة للحلم الجديد، ولتنتزع خناجر وول ستريت من جراحها الغائرة. [email protected]