في كل يوم تغوص سوريا في عمق جديد للأزمة، في ظل إحجام دولي عن وقف الجرائم التي يرتكبها نظام الأسد وقوى رعاته. وقد تطورت الأوضاع تطوراً خطيراً بتبادل الخطف بين القرى، في وقت تصر فيه الشبكة الإيرانية في بلاد الشام على معاندة الأمر الواقع الذي يؤكد أن الشعب السوري في طريقه للتحرر الكلي من اضطهاد هذه الشبكة وسيادتها، وفي وقت يحاول رعاة النظام انعاشه بجعل وكلاء طهران في بيروت يدلون بأحاديث على لسان الأسد، كنوع من البروبجندا لصمود النظام وأجنحته، لكن الرسالة الحقيقية يطلقها الثوار على الأرض في حلب، حيث يستولون كل يوم على مواقع جديدة ومطارات جديدة وطائرات وأسلحة ودبابات، والضربات الموجعة التي يتلقاها النظام اضطرت حزب الله اللبناني إلى الدخول علناً في حرب مع الجيش الحر داخل الأراضي السورية لمساندة ميلشيات النظام المتهالكة قرب حمص، وواضح أن فنون الخصومة تتدهور بين النظام ومعارضيه إلى درجة اللجوء إلى خطف مدنيين ونساء، وهذا يعني أن الانتقام يأخذ خطاً آخر أكثر خطورة ويكسر حتى أخلاقيات الحرب والموت، وحاول النظام منذ الأيام الأولى للثورة السورية أن يوجه الأحداث باتجاه مواجهة طائفية بين السنة والعلويين، لأن ذلك هو المبرر الوحيد الذي يجعل منه ممثلا لفريق سوري، ويبدو ان هذا الاتجاه كان تخطيطاً إيرانياً قد حظي بمباركة روسية، لأن طهران لا يهمها أن يحترق كل السوريين إن فقدت نفوذها ورجالها وتمويلاتها الطائلة في بلاد الشام، ومنذ أن بدأت فرق ميلشيات «الشبيحة» التابعة للنظام السوري وحزب الله عمليات تصفية وخطف أشخاص، كانت تحاول جر السوريين إلى مرحلة أخرى أكثر تجذيراً للعداء والمواجهات، ما يمهد لتحويل سوريا إلى بلاد مستباحة في حال سقوط النظام، وبدء مرحلة الكانتونات والإمارات القروية التي تتعدد ولاءاتها ما قد يسمح لطهران بالحفاظ على مراكز نفوذ، وحتى الآن تظهر الثورة السورية تصميماً على تطهير سوريا من كل بقايا النظام، وإفشال كل مخططاته ومخططات رعاته، بحرص المعارضة السورية على أن تكون تمثيلاً للتنوع السوري بكل طوائفه وأعراقه واتجاهاته، وتحرص المعارضة أيضاً على تحصين فصائلها المقاتلة في الداخل من المخططات الجهنمية للنظام ورعاته، ويبدو أن الثورة السورية تدرك أن النظام ورعاته يسعون لزرع الفتنة داخل الثورة السورية، وتشويه إنجازاتها بافتعال تصفيات وعمليات خطف مدنيين وتلبيسها لفصائل الثورة وبث الفرقة والعداء في صفوفها، ومن ذلك الضجيج الذي يثيره النظام ورعاته حول وجود متشددين يبالغون في تصوير خطورتهم، في محاولة لمنع الدول العربية والقوى الكبرى من دعم الثورة.