يسعى الائتلاف الوطني السوري إلى تشكيل حكومة تمثل السوريين وتدير حراك التحرر من الاستعباد الإيراني ونظامه. وعلى الرغم من أنه، كما يبدو، توجد خلافات داخل الائتلاف، فإن العقبة الكبرى هي مدى اعتراف الدول الداعمة للحرية في سوريا بهذه الحكومة. وتلعب الولاياتالمتحدةالامريكية دوراً حاسماً في هذه المسألة، فهي التي تقود الدعم الغربي للثورة السورية، لكنها تمارس أسلوباً متناقضاً ومتلكئا، ففي الوقت الذي تتحدث فيه واشنطن، عن الحرية وضرورة رحيل الأسد ونظامه، تحجم عن ترجمة هذه الأقوال إلى أفعال على الأرض، فواشنطن تلكأت طويلاً بالاعتراف بفصائل الثورة ووضعت شرط توحيد المعارضة، وبلا شك فإن هذا التلكؤ قد منح نظام الأسد ورعاته وقتاً ثميناً لتدمير سوريا وقمع حراك الحرية. وبعد أن توحدت المعارضة في الائتلاف الوطني السوري، أعلنت واشنطن منظمة النصرة المقاتلة منظمة إرهابية. وكان هذا الإعلان خطأ فادحاً على الأقل مرحلياً، لأن النظام السوري ورعاته استغلوا إعلان واشنطن وأصبحوا يروجون أن جميع الفصائل السورية على عقيدة منظمة النصرة وتابعة للقاعدة، مما أنتج علامة استفهام كبيرة حول جدية الدعم الأمريكي لحراك الحرية في سوريا، وعما إذا كان لدى أمريكا خطة لإنهاك الثورة السورية وتطويل الأزمة على حساب أرواح السوريين، أو تبني مساومات إسرائيلية مع الثورة، أو عقد صفقات مع موسكووطهران تجعل من سوريا مجرد ميدان للمناورات بين القوى العظمى، وتحويل الثورة السورية إلى صراع محلي يعطي لنظام الأسد شرعية البقاء واستمرار رهن سوريا لدى طهران. الحقيقة أن القوى العظمى وضعت الثورة السورية في موقف لا تحسد عليه، إذ يبدو أن العواصم النافذة في العالم دعمت الثورة السورية للمتاجرة بها وعقد الصفقات على حساب دماء السوريين. وهذا ما تبرهن عليه كل الدلائل وكل التصرفات وكل التلكؤات التي تبرز في عواصم القوى العظمى، التي لم تقدم حتى الآن دعماً حقيقياً ينقذ الشعب السوري من برنامج التطهير الذي ينهض به نظام الاسد ورعاته. ولكن المنقذ الوحيد لسوريا ولحراكها هو توحيد المعارضة والفصائل المقاتلة ووضع المجتمع الدولي أمام واقع سوري جديد وموحد خلف ممثل وحيد. فنزاعات المعارضة وتشتتاتها وتفرقها، وفوضى الفصائل المقاتلة في الميادين، جعل حتى طهرانوموسكو تجدان من يتحدث باسم حراك الحرية السوري، وتجندانه لضرب الثورة من الداخل، وتمييع القضية وتحويلها من قضية شعب ثائر على الظلم والاستلاب والطائفية والعنصرية إلى قضية تمرد ونزعات مصلحية.