في أجهزتنا الحكومية ومؤسساتنا العامة وشركاتنا المساهمة نردد ليل نهار عبارات نقولها لفظاً ولا نطبقها عندما يجد الجد ويحصحص الحق، فما أكثر ما نستشهد "ما خاب من استشار" لكن ما أكثر من لا يسمع إلا لنفسه فالرأي ما يرى والحق يدور معه حيثما دار..كيف نكتشف ذلك النهج المتوحد المتفرد بالقرار؟ من خلال الممارسة؛ فستجده يحيط نفسه بالكثير من اللجان التي توصي ولا تقرر.. أما هو فيقرر ويستشير ولا يسمع وكما يقال "لا رأي لمن لا يطاع"؟ وستجد الأمر يتكرر في مجالس الإدارة فتتحول إلى مجالس "افتراضية" لا حول لها بمجرد أن "يستسبع" رئيس مجلس الإدارة وينجح في قصقصة كل الأجنحة ليفرد هو جناحيه الوارفين على الشركة برمتها، ومن ضمن القصقصة تطبيق كل اللوائح والنظم تطبيقاً ناعماً سطحياً ليناً هيناً يتحدى كل شيء إلا إرادة الرئيس في فرد جناحيه ومن تحته أجنحة "الأهل والجماعة"! خذ مثلاً توظيف الأقارب، هو يخالف كل الممارسات الرشيدة لكن ستجد صلات نسب بين العديد من المتنفذين في أجهزة وشركات.. أحد يسأل: ما الضرر؟ ليس أكبر من ضرر تكوين "شلة" وأن تقرر الشلة اللعب وفق خطة "أمسك وأقطع لكل" أو قاعدة "أنت ثبت وأنا أشوت" رغبة في "حَلّب" الشركة. وهكذا، فعندما يهمش متخذ القرار توصيات وتقارير اللجان المنبثقة عن مجلس الإدارة الذي يرأسه وآراء المستشارين فهو يفعل ذلك ليس بالضرورة لأنه "عنيد" أو "مكابر" بل حتى يستأثر بالقرار ليحقق مصلحة محددة تتعلق به وليس بالشركة أو بالجهاز، وإلا ما المنطق الذي يبرر أن يجلب شخصٌ اختصاصيين ثم يكلفهم بأعمال وتقارير وتحاليل ودراسات واجتماعات..ثم يضع كل ذلك جانباً؟ المنطق هو منطق أن وجودهم هو للتمويه والتعمية، فإن اجتمعت سياسة "فرد الجناح" مع انعدام الشفافية وانحسار المحاسبة أصبح الاطباق تاماً. ما الحل؟ القصقصة المضادة، بمعنى تطبيق لوائح الحوكمة بما يمنع تشكيل "شلل مصلحية" والتوسع في الحد من أي شبهة لتعارض المصالح واستغلال النفوذ، ووضع لائحة ملزمة للافصاح والشفافية والمحاسبة.. وستجد أن القرارات ستطبخ مؤسسياً وليس خلف أبواب مغلقة أو تحت جنح الظلام. توتير: @ihsanbuhulaiga