وسط السجال الذي يدور حول الملف الانتخابي في لبنان، أطلق رئيس الحكومة اللبنانية السابق سعد الحريري من باريس مبادرة من أربع نقاط لحل الأزمة السياسية في هذا الملف الذي يشهد شدّ حبال بين فريقي 8 و14 آذار خصوصاً أن موعد هذا الاستحقاق الدستوري أصبح على الأبواب في 9 يونيو وسط قرار ضمني اتخذته الحكومة بتأجيل الانتخابات، إلا أن الرئيس الحريري أعلن رفضه تأجيلها تحت «أي ظرف كان». فحوى المبادرة وتضمنت مبادرة الحريري أربع نقاط أساسية، أولاها : إجراء الانتخابات النيابية في موعدها على أساس قانون الدوائر الصغرى التي تضمن صحة التمثيل لكل المناطق والفئات والمجموعات الروحية، وثانيها : إنشاء مجلس شيوخ يمثل جميع الطوائف والمذاهب في لبنان كما نصّ اتفاق الطائف، بعد إجراء تعديل دستوري يعلّق شرط إلغاء الطائفية السياسية إلى فترة يتمّ التوافق عليها، ويكون للعائلات الروحية من خلال هذا المجلس وظيفة دستورية أساسية تتعلق بحماية هويّة لبنان ودوره ورسالته الحضارية والعيش المشترك بين أبنائه وحقّ النقض على القرارات التي تتناقض مع هذه المفاهيم، وهذا ما يمكن إنجازه فور الاتفاق عليه، والثالثة: معالجة الشكوى المزمنة من كلّ المناطق والفئات اللبنانية في شأن العوائق التنموية والإدارية التي تعاني منها باعتماد فوريّ لما نصّ عليه اتفاق الطائف بخصوص اللامركزية الإدارية الموسّعة، وأخيرا : تأمين الضمان الدستوري للإجماع الذي تضمّنه إعلان بعبدا الذي نصّ على «تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الاقليمية والدولية وتجنيبه الانعكاسات السلبية للتوترات والأزمات الاقليمية، وتتمثل هذه الضمانة الدستوريّة في أن يصبح «إعلان بعبدا» جزءاً لا يتجزّأ من مقدمة الدستور، بما يؤكّد على ما ورد في الإعلان أيضا من «العمل على تعزيز مؤسسات الدولة وتشجيع ثقافة الاحتكام إلى القانون والمؤسسات الشرعية لحلّ أيّ خلاف أو إشكال طارئ». وأخيرا, تأمين الضمان الدستوري للإجماع الذي تضمّنه إعلان بعبدا الذي نصّ على «تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الاقليمية والدولية وتجنيبه الانعكاسات السلبية للتوترات والأزمات الاقليمية، وتتمثل هذه الضمانة الدستوريّة في أن يصبح «إعلان بعبدا» جزءاً لا يتجزّأ من مقدمة الدستور العودة إلى لبنان وكانت الرسالة الأكثر تعبيراً في الصورة التي رسمها الحريري لمرحلة ما بعد الانتخابات، عبر تشديده على «مدّ اليد الى الجميع»، واستطراده بالقول: إنه إذا فكر أحدهم في أنه سيكون هناك ثلث معطل أو حكومة وحدة وطنية على شاكلة الشروط القديمة فهو مخطئ، نحن نمدّ يدنا لأنني أؤمن بأن البلد عليه أن يطير بكل جوانحه، لكن لا أريد تكاذباً فهذا الكذب الذي حصل والصور التي يفرحون بها إنني أجلس في البيت الأبيض من أجل لبنان، ثم يأتي 11 وزيراً ليقدموا استقالتهم، هذا أكثر من مزعج للبنانيين», لافتاً الى أنه «لا وقوع مجدداً في فخّ الجيش والشعب والمقاومة التي أوصلتنا الى طائرة أيوب»، وحول ما يمكن أن يفعله - إذا ربح الانتخابات وشكّل الحكومة الجديدة - قال الرئيس الحريري : «سنفعل عكس كل ما فعلته هذه الحكومة في الاقتصاد والكهرباء والطرقات، ووفق مسيرة رفيق الحريري وفؤاد السنيورة وسعد الحريري التي حققت باريس 1 وباريس2»، وأعلن أنّه سيعود إلى لبنان «بعد شوَي»، وقال : «إن شاء الله سأكون في بيروت عند الانتخابات»، مؤكداً «أن التغيير آتٍ». فريق جنبلاط و14 آذار ولاقت مبادرة الحريري الانتخابية تأييدا واسعا من فريقي 14 آذار والزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط، حيث أكد وزير شؤون المهجرين علاء الدين ترو أن رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط ورئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري «اتفقا في لقائهما بباريس على رفض المشروع الأرثوذكسي وضرورة صيانة اتفاق الطائف». وأوضح ان «المبادرة التي طرحها الحريري يجب أن تكون محلّ دراسة غير متسرعة»، مضيفاً «إن جنبلاط ربّما قد يكون اطّلع عليها في باريس، لكن الاطلاع عليها لا يعني الرفض أو القبول»، واعتبر النائب بطرس حرب أن «طرح الرئيس الحريري الجديد الذي يتضمن أيضا تطبيق اللامركزية الإدارية الموسعة وإعلان حياد لبنان الذي أجمع عليه أعضاء لجنة الحوار الوطني في بعبدا، هو طرح متقدم ومريح يجب التعامل معه بالجدية والمسؤولية المطلوبة، وآمل في ألا يصار إلى رجمه، لأنه صادر عن سعد الحريري، أو لأنه لا يؤمن مصالح بعض الفئات والتيارات التي تقدم مصلحتها على مصلحة لبنان». أما النائب مروان حمادة، فلفت الى ان «طرح الرئيس الحريري يتجاوز الخمسين دائرة ليشمل في مبادرته مجموعة من الأفكار لقوى الثامن من آذار، ولنتوقف أمام مشروع قانون الخمسين دائرة الذي تقدمت به الى مجلس النواب الكتائب والقوات مذيلا بتواقيع النائب سامي الجميل وسواه من النواب»، وأكد عضو كتلة «المستقبل» النائب زياد القادري «مبادرة الرئيس سعد الحريري لها أسس وركائز»، مشيراً الى انه «انطلق من هواجس المسيحيين».