شكل المؤتمر الصحافي للنائب والوزير وليد جنبلاط رئيس جبهة النضال الوطني خيبة أمل لأولئك الذين ما زالو يراهنون على انقلاب ما في موقفه، أو ربما انعطافة اعتادها جنبلاط في المحطات السياسية المفصلية اللبنانية. ما فات هؤلاء أن جنبلاط يلعب في الوقت الضائع، وأن مبادرته ربما تشكل طوق نجاة، خصوصا للأطراف الأكثر حرصا على عدم انفراط العقد الحكومي الخادم لحركتها السياسية؛ ولذلك جاءت تفاصيل مبادرته في مؤتمره الصحافي أقرب منها لإعلان النوايا المتجانسة، بل والمتطابقة بشكل تام مع مندرجات إعلان بعبدا الذي كرس الحوار وسيلة وحيدة للوصول إلى الحل السياسي، مستبعدا التفرد في قرار الحرب والسلم من قبل طرف ما بعينه، ومتبنيا سياسة النأي بالنفس سبيلا وحيدا للحفاظ على لبنان الدولة والكيان. هذه الترجمة الجنبلاطية لمبادئ إعلان بعبدا ربما تشكل بارقة الحل المحتمل لإعادة اصطفاف سياسي يكسر حدة الانقسام العامودي في المشهد السياسي، وربما يدخل البلاد في ثلاثية تجمع إلى جانب قوى 8 و 14 آذار ما يمكن أن يطلق عليه «الوسطيون الملتفون» حول فخامة رئيس الجمهورية ميشال سليمان مع العلم أن «الحركة الوسطية» لن تنال الشرعية ما لم يلتحق بها الرئيس نبيه بري، وربما حزب الكتائب المتأرجح أصلا في مواقفه. جنبلاط لم يعود اللبنانيين على مبادرة ليست مغطاة من الخارج، فهو لم يغرق حتى أذنيه مع 14 آذار إلا وفق قراءته للموقف الدولي والإقليمي، ولم يغادر موقعه معهم إلا لنفس القراءة، وليس مستبعدا أن نجد غدا أنه يسير على إيقاع موقف غربي معلن حتى الآن يدعو إلى تجنيب لبنان الانهيار الأمني والفراغ الحكومي. من هنا فإن المعادلة القادمة ربما تسمح ل 14 آذار بقنص مكسب ما على المستوى السياسي، يحضر لحكومة انتخابات تتبنى قانون الستين معدلا ومراعيا لهواجس المسيحيين، ومحققا لأكثرية المعارضة، وربما تفتح الطريق لكسر ثنائية التنافس اللبناني، وتمهد موضوعيا لحكومة اتحاد لبناني حقيقي. ما عدا ذلك فإن المشهد اللبناني مرشح لمزيد من التحديات والتشنج، وربما لتطورات أمنية لا يمكن للبلد تحملها، ولا لاقتصاده المتداعي أصلا استيعابها. فهل ستتمخض مبادرة جنبلاط عن شيء ما يعيد الأمل للبنانيين ويحميهم؟؟ أم أنها ستلد فأرا وربما «ميت»؟!