استعرضت ندوة متخصّصة في التمويل والرهن العقاري عُقدت في مدينة بريدة مؤخرًا أبرز معوّقات السوق العقارية حاليًا التي تتمثل في ارتفاع تكلفة الأراضي المخصّصة للبناء التي تشكّل 60 بالمائة من تكلفة المنزل إضافة إلى شيوع اكتناز الأراضي وعدم مواكبة الطلب للعرض وقلة عدد شركات التطوير العقاري مع عدم تفضيل البنوك الدخول في التطوير العقاري، مؤكدة أن تطبيق نظام الرهن العقاري سيحفز البنوك لتمويل الطلب على المساكن. وأوضح مدير جامعة القصيم الدكتور خالد الحمودي خلال الندوة التي نظمتها كلية الاقتصاد والإدارة بالجامعة: «أن الجامعةَ ماضيةُ في تحقيق رؤيتها ورسالتِها المتمحورةِ في جزءٍ كبيرٍ منها في الإسهام الفعّال في تحقيق التنميةِ المستدامةِ عبر حراكِها العلمي والبحثي والاستشاري، وحرصت الجامعة على مشاركة المختصين والمهتمين من الأكاديميين والخبراء والاستشاريين ورجال الأعمال العقاريين بالتزامن مع صدور أنظمة التمويل والرهن العقاري من مجلس الوزراء وصدور اللوائح التنفيذية من مؤسسة النقد العربي السعودي وقرب اعتمادها وتطبيقها». وأكد الحمودي على استجابة الجامعة في ضوء خُطتها الإستراتيجية للتحديات التي تواجه قضايا التنمية الاقتصادية من خلال توفير منبر لتبادل الخبرات والممارسات الجيدة لمناقشة مضامين الأنظمة واللوائح والتطبيقات العملية، مشيرًا إلى أن الندوة وما تتضمّنه من أهداف ومحاور ستشكّل إسهامًا مهمًا في تجلية الكثير من التحديات التي تواجه بداية عهد جديد لصناعة جديدة في السوق المالية السعودية والسوق العقارية وأن توفير التمويل من أهم وظائف الأسواق المالية. ولفت إلى أن أهمية الندوة نابع من أهمية القطاع العقاري بوصفه من أكبر القطاعات الاقتصادية بعد القطاع النفطي بسبب حجمه الذي يقدّر بأكثر من ترليون ريال، ونموه بنسبة 6 بالمائة سنويًا وبمساهمته في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بنسبة 9.5 بالمائة ليكون ثاني أكبر قطاع بعد النفط. من جانبه تناول المستشار الاقتصادي فادي العجاجي تأثير المنظومة المالية على السوق العقارية ودورها في علاج أزمة الإسكان فقال: «إن مشكلة تملك المواطنين مساكنهم ليست في قلة مصادر التمويل بقدر ما هي ناشئة عن التفاوت الكبير بين تكاليف بناء المنزل والمستوى العام للدخل الفردي وأن شريحة عريضة من الطبقة المتوسطة ملتزمة بقروض استهلاكية ومعظم الأفراد يحتاجون إلى سنتين على الأقل ليكونوا مؤهّلين ماليًا للحصول على قروض عقارية طويلة الأجل. ولفت العجاجي الانتباه إلى أن حجم القروض الاستهلاكية وقروض بطاقات الائتمان بلغت 285 مليار ريال بنهاية النصف الأول من العام الحالي متجاوزة الدين العام بحوالي 57 مليارًا، مؤكدًا أن تأثير المنظومة المالية على السوق العقارية خلال السنتين القادمتين سيكون محدودًا وإذا حدثت تغيّرات كبيرة فسيكون المحرّك الرئيس لها هو نشاط عمليات المضاربة وليست العوامل الاقتصادية الطبيعية. وأوضح: «أن عمليات المضاربة ستفشل في الحفاظ على تماسك الأسعار لفترة طويلة، حيث يجب التسليم بأن دخول ال500 ألف وحدة سكنية التي أمر بإنشائها خادم الحرمين الشريفين «حفظه الله» للسوق العقارية السعودية سيؤثر على الأسعار والإيجار بما سيرفع حجم المعروض من الوحدات المعروضة للتأجير ب 500 ألف وحدة سكنية على الأقل». وأشار إلى أنه بالرغم من أن المنظومة المالية تسمح للبنوك وشركات التمويل بتملك العقار إلا أن تأثير ذلك سيكون محدودًا لأن تملكها للعقارات لغرض التمويل وليس المتاجرة، ذلك لأن العقارات ستخرج من دائرة المضاربة وستنتقل مباشرة من ملكية البنوك وشركات التمويل العقاري إلى المستفيد النهائي. من جانبه أوضح عميد كلية الاقتصاد والإدارة الدكتور عبيد المطيري «أن الندوة تأتي خدمة للمجتمع وقطاع الأعمال وللتوعية وزيادة فهم آليات السوق العقارية من منظور المقترضين والمقرضين بما في ذلك الجوانب المؤسسية المهمة، مشيرًا إلى دور الكلية في خدمة قضايا التنمية». ورأى المتحدث الرئيسي في الندوة الدكتور فلاح السبيعي «أن اللائحة التنفيذية لنظام التمويل العقاري تتضمّن تنظيم نشاط التمويل العقاري والمطوّرين العقاريين والسماح للبنوك بمزاولة التمويل العقاري بتملك المساكن وتنظيم برامج الدعم الحكومي وآلية التعامل مع تسديد الأقساط وتسجيل عقود الإيجار التمويلي، وكذلك ضبط ومراجعة الأسعار». وتضمّنت الجلسة الأولى مناقشة ملامح مجموعة أنظمة التمويل وآثار تطبيقها وتحدّث فيها مدير عام مراقبة شركات التمويل في مؤسسة النقد العربي السعودي محمد الشايع الذي قدّم ملخصًا للأنظمة الخاصة بالتمويل والرهن العقاري وهي «نظام التمويل العقاري، ونظام الإيجار التمويلي، ونظام مراقبة الشركات التمويلية، واللوائح التنفيذية لهذه الأنظمة وأهمية هذه الأنظمة في تطوير النظام العقاري في المملكة والرقي بالمستوى الاقتصادي للمملكة. وأوضح الشايع «أنه تمت دراسة السوق العالمية ومعرفة الأسباب الرئيسية لأزمة الرهن العقاري في العالم وتمّ تجنب هذه المشاكل في أنظمة الرهن العقاري في المملكة ومن أهمها زيادة قيمة الرافعة المالية Leverage التي تعني قيمة الرهن عند شراء المنزل وزيادة الدفعة الأولى عند شراء العقار.