تناثرت بعضٌ من المصطلحات اللُّغَويَّة ذات الوجود الفعلي على طاولة الحوار الوطني ليتناقش في تعاريفها وفاعليتها سبعون مثقفاً سعوديَّا من علماء وأدباء ومفكِّرين من الجنسين على مدار يومين بواقع أربع جلسات نقاشية تحاورية حضر فيها الحوار في اليوم الأول وغاب عنها النقاش ليحضر بقوة حماسية في اليوم التالي وليغادروا القاعة ويتفرقوا حيث بيئاتهم الجغرافية وانتماءاتهم الفكرية ومشاربهم الثقافية وتنوعاتهم الأيدلوجيَّة وتبقى التعاريف متماوهة الفعل متداخلة الرؤى مفتوحة اللَّفظ والتي من أبرزها الوطنية والثوابت والخطاب والثقافة فلكل منهم تعريفه الخاص ورؤيته الخاصة ومطارحاته الفكرية في ضوء فهمه لها على الرغم من تساؤلات البعض حول مسألة الثوابت الوطنية المرتكزة على محاور مثلث الثبات (الله ثم المليك والوطن) ولماذا النقاش فيها والتحاور حولها ما دامت أمورا ثابتة غير قابلة للتغيير ومن محددات شرعية وتاريخية وحضارية انسانية تشعبت النظرة إليها وعن اختراقات تلك الثوابت في الخطاب الثقافي في ظل متغيرات المثقف السعودي حيث اعتبر البعض منهم الاطلاع على ثقافات الأمم الأخرى وحضارات الأديان المتابينة الأطياف في ظل زعزعة الثابت الايدلوجي لديه بحجة الحداثة والتمدُّن أبرز تلك الاختراقات وأولها وأشار الآخر إلى أن هناك ثلة ممن يعانون من الاضمحلال الفكري والإفلاس الثقافي والنقص المعرفي من مسؤولي التربية والتعليم هم أول من يتسبب في خرق تلك الثوابت بمهاتراتهم الفكرية وتُرّهاتهم الفردية التي لا تمتُّ للخطاب الثقافي السعودية بصلة والتي من شأنها خلق صورة ضبابية مشوهة عن الوطن والانتماء الوطني في أنفس البعض من الأجيال الذين عليهم المعول ومن بين فكرهم تنبثق ولائيات الوطن وهمم الدفاع عن حماه والعيش فوق ثراه في ظل ثوابت الأمن والأمان وعبر رؤية مستقبلية لتلك الثوابت وأثرها في تكوينات الخطاب الثقافي السعودي وسُبُل ناهضيته اختتمت فعاليات اللقاء الخامس للخطاب الثقافي السعودي الذي أقامه مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني في العاصمة الرياض وشارك فيه عدد من مثقفي الوطن وعلمائه ومفكريه بمختلف الأطياف الفكرية والانتماءات الثقافية والمشارب الأدبية ومن شتى الايدلوجيات المذهبية والشرائح العُمرية فمن اللافت للنظر حضور المثقفين الشباب والجيل الصاعد الواعد مجانبةً للمثقف الكبير المحترف والمفكر العملاق وانها لفرصة فاعلة لتلاقح التجارب وتمخض الآراء في مدرسة الوطن والوطنية. يبقى السؤال الحاضر في فضاءات الحوار الوطني: كيف للثوابت الوطنية أن تجمع خطاباتنا الثقافية في ظل تعدد الانتماءات الفكرية وتشعب مشاربها ايدلوجيا؟ ويبقى السؤال الحاضر في فضاءات الحوار الوطني: كيف للثوابت الوطنية أن تجمع خطاباتنا الثقافية في ظل تعدد الانتماءات الفكرية وتشعب مشاربها ايدلوجيا؟ فجميعنا نشترك في المنبع لكن هناك من يرفض فكر الآخر بحجة أنه لا يماثله عقائدياً أو هناك من يحاول إقصاء الغير بحجج واهية قد تأخذنا إلى مغبَّة التيه ونظل في حاجة إلى جلسات حوار ونقاشات فكرية دؤوبة لرسم معالم خطاب ثقافي ذي ثوابت وطنية متفق عليها وبرؤية خطابية ثقافية شبه مشتركة وان تعددت الآراء وتشعبت الأفكار حولها في ظل وجود وطنية عالية الهمة ثابتة اليقين في أنفس الجميع.