الغناء العربي تعرض منذ بدايتها وحتى وقتنا الحاضر لاتهامات مختلفة ومن الاتهامات التي تم توجيهها إلى الغناء العربي الأصيل أنه طوّع الكلمة للّحن ، وأنه طوّع الإثنين للصوت ، وأنه يتوجه بمعظمه إلى شؤون الحب والغرام. لكنّ الحب هو الشعور الإنساني الأكبر الذي يطوف بين القلوب ويؤثر في التصرفات ، من أبسط الأمور إلى أعظم القرارات. ومن الطبيعي أن تتأرجح حالته بين الفشل والنجاح ، والأساسات المحتمة لهذا الشعور هي اللقاء والفراق ، واليقين والشك واللوعة والانتظار والتمني والموعد المفقود ، وهو ليس إجراء وظيفياً عادياً يمكن التحكم بنتائجه أو توجيه (بوصلته) نحو الأمان والسعادة في كل المرات . إن الحالة الموسيقية العربية غنائية لا آلية ، والمستمع العربي مستهلك أغنية أكثر منه مستهلك موسيقى ، وهذا ما يخفف عنصر التعبير وعنصر (الدراما) وهي ليست كالحالة الألمانية كما أنه قبل كل شيء مرتبط بالجمال ، والجمال في معظم الحالات أمنية مبنية على القلق وعدم الرضى ، ثم إن هذا الشعور ، الذي يضرب أطنابه وينشر أنواره في الكون ، تحكمه الثقافات والعادات والظروف المحلية التي تختلف بين مجتمع وآخر على امتداد الكرة الأرضية ، وهو يتجاور عندنا الحزن والألم ، وقد يكون مفتوحاً على الفرح والنجاح في مجتمعات أخرى ، من يدري؟ والخطأ في أي حال ليس في الحب بحد ذاته ، إذ ي(العيب فيكم ، يا بحبايبكم ، أما الحب يا عيني عليه) ، ويؤخذ على الأغنية العربية الأصيلة ضعف عنصر التعبير فيها ، كما إن الحالة الموسيقية العربية غنائية لا آلية ، والمستمع العربي مستهلك أغنية أكثر منه مستهلك موسيقى ، وهذا ما يخفف عنصر التعبير وعنصر (الدراما) وهي ليست كالحالة الألمانية ، مثلاً : تأليفية مجردة ومستقلة عن الكلام في الكثير من الأحيان . إلا أن ذلك لا ينفي عن العربية الصفة التعبيرية ، والكلمة ليست هي مشكلة على هذا الصعيد ، فقد تأتي في أوقات كثيرة لتزيد في ذلك التعبير ، فتوضحه وترسخه وتؤكده ، خصوصاً إذا أُحسنت معالجة معانيها ، وإذا تيسرت للأغنية الأنغام التي تؤسس لها وتواكبها وترافقها ، وتقدمها إلى المستمع بالحلّة البهية اللازمة .