يأتي الغناء للنص الشعري مواكباً لتطلعات ذائقة المستمع، الذي يريد أن يستمع لما يطربه من الكلمات، فالموسيقى بالتالي خرجت من كونها للسلطنة والتطريب إلى تعبير جمالى عن الشعور والإحساس للفرد، بل أنها ذهبت إلى زرع ذائقة المستمع. ومن هنا فالغناء لا يعد ترفاً أو تسلية، إذ إنه يهدف إلى التعبير الجمالى، والملموس عن الشعور العام فهو يؤثر بلاشك مباشرة في الجماهير بمختلف مستوياتها، إضافة إلى ذلك يختلف عن الفنون الأخرى التى تعكس ثقافة نخبوية مثل فنون الأدب وغيرها. وعندما يأتي الغناء للنص الشعري، مواكباً تطلعات المؤدى له لكي يصل إلى تلك الذائقة، فهو بذلك سيصل، ولكن بعد وجود معايير وأسس تنتج غناءً رائعاً يشكل عملية تطريبية راقية يطرب لها المستمع، وبذلك يكون النص قد وصل بأدواته الغنائية إلى ذائقة المستمع. في زمن التطريب الآن، وفي زمن القنوات الفضائية الغنائية المتعددة، نسمع ونشاهد كثيراً من الإغاني التطريبية من الذين أفسد بعضهم جماليات أداء النص واللحن، وبالمقابل أفسد من يتسمون بالشعراء جماليات النص الشعري، ومن هنا لا نستطيع ان نقول إن هذا يسهم في تطور ورقي الإغنية، بل بالعكس أصبح الطرب الحقيقي معدوماً في ظل كل تلك المتغيرات الحديثه؛ لأن الكل أصبح مطرباً، والكل أصبح شاعراً، والهدف هنا بالدرجة الأولى مادي بحت، وليس الحفاظ على الذائقة السماعية للطرب الأصيل. منذ القدم والاهتمام بالغناء والموسيقى يأخذ حيزاً كبيراً؛ لأن المثقف العربي عُني بالطرب والغناء، ومن هنا فالعرب في بلاد الشام عرفوا الموسيقى والغناء والآلات الموسيقية في جاهليتهم، بل تأثروا بموسيقى الحضارات التي سبقتهم كالحضارة المصرية، والآشورية، واليونانية، والفارسية، وأنهم أخذوا من الموسيقى الفارسية واليونانية والبيزنطية ما يلائم موسيقاهم وغناءهم النابع من بيئتهم وأسلوب حياتهم. واستخدموا من الآلات الموسيقية: العود، والمزهر، والمزمار، والطنبور. الغناء الآن لم يعد يؤدي الغرض منه في ظل متغيرات الساحة الفنية، مع ان هناك كثير من النصوص الشعرية النائية التي تواكب عملية التطريب التي يبحث عنها المستمع؛ لترقي ذائقته، خصوصاً عندما يكون النص الشعري المغنى راقيا وعذبا. ويأتي ارتباط الشعر بالموسيقى ليكتمل الهدف من مفهوم تطوره عبر العصور، ولذلك كان لابد من الارتباط؛ لأن الأساس عند العرب كان تعلم الغناء وألحانه، ولذلك فإن هذا الأسلوب لايزال متبعاً في الغناء العربي من بدوي، وقروي، ومدني، حتى الآن. يبقى القول إن العملية التطريبية لابد وان ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالنص الشعري، فبدونه لا يكون هناك طرب وتطور، والآن ونحن نستمع في مختلف القنوات الفضائية أغنيات متنوعة، هل نسمع طربا أصيلا كما كان في السابق..؟ أخيراً : يا عطرها اللي لا مشت كله زهر.. ياخدها اللي فيه من لون القمر.. في صوتها.. دلالها.. ضاعت معاها نظرتي وتاهت معاها لهفتي مسيك بالخير .. ملامحك غير