كان الاعتراف الدولي بالائتلاف الوطني السوري ممثلًا وحيدًا للشعب السوري، خطوة متقدّمة في محلها انتظرها الشعب السوري طويلًا. ودفع المزيد من أرواح أبنائه منتظرًا هذه المناسبة التي تمثل خطوة أخرى بنّاءة يحققها السوريون في جهادهم من أجل استقلال بلادهم من تحريرها من قبضة النظام الفاشي ورعاته المتاجرين بدماء الضحايا. وأعطى هذا الاعتراف أملًا لدى الشعب السوري أن ثورته وجهاده وتضحياته لم تغِب عن المجتمع الدولي، حتى وإن تأخر العالم وتقاعس عن دعم السوريين مبكرًا. ويتعيّن أن يجني الشعب السوري سريعًا ثمار هذا الاعتراف الذي يجب ألا يكون مجرد اعتراف شكلي أو صوتي، وإنما تترتب عليه مسؤولية أخلاقية والتزام على المجتمع الدولي بأن يُبادر إلى تمكين الشعب السوري من الدفاع عن نفسه وعن وطنه في وجه الحرب المستمرة التي يُشنّها النظام على سوريا أرضًا وشعبًًا وتاريخًا وهوية. بمعنى أن الاعتراف الجماعي للبلدان المشاركة في مؤتمر أصدقاء سوريا بالائتلاف السوري يرتب مسؤولية أكثر من مجرد المساعدة الإغاثية بالبطانيات والأغذية فقط، أو المساعدات اللوجستية، وإنما يتعيّن أن يكون حافزًا للوقوف الحقيقي والنوعي مع الشعب السوري لإنهاء المحنة التي يهندسها النظام ورعاته. ويبدو أن كل البلدان الصديقة للشعب السوري، التي تعدّى عددها ال130 بلدًا، تنتظر الخطوة القادمة للولايات المتحدةالأمريكية بعد اعتراف واشنطن بالائتلاف السوري. وتتحمّل واشنطن مسؤولية أخلاقية بصفتها داعية حقوق الإنسان في العالم، ومسؤولية سياسية، باعتبار أن معظم فصائل المعارضة السورية وقادة المعارضة لاجئون في الولاياتالمتحدة وفي بلدان الغرب ويودون إرساء نظام حقوقي في سوريا. كما أن مسارعة واشنطن بدعم قضية الشعب السوري العادلة، تخدم السلام والاستقرار في الشرق الأوسط. إذ يفترض أن تختلف إدارة الثوار القادمة لسوريا، عن نظام الأسد ومزايداته وغوغائيته وتحويله قضية الاحتلال الإسرائيلي للأرض السورية إلى خدمة للنفوذ الإيراني. وتقاعس واشنطن عن الدعم الحاسم للثورة السورية يعني أن تتحوّل سوريا إلى ساحة حرب بالوكالة وتدخل في حقبة من الاضطرابات لا تخدم أي طرف ولا أي قضيةٍ بقدر توقع المزيد من الضحايا، وتعطي للنظام ورعاته في طهران وموسكو منصة وفرصة للمزيد من المتاجرة بالقضية السورية وممارسة اللعبة الإجرامية وتصفية الحسابات بأرواح السوريين. والمجتمع الدولي الآن مسؤول عن إنقاذ سوريا ومنع آلة القتل من مواصلة عملها في المدن السورية، بعد أن امضت نحو 20 شهرًا تفرض بأجساد السوريين وتمثل بهم وتمارس كل الشنائع والموبقات في هذا الشعب الأبيّ الذي برهن على شجاعته وتصميم إرادته على تحرير وطنه وفرص استقلالها من جديد.