عندما نتحدث عن الدين فإنما نتحدث عن دين ارتضاه الله «عز وجل» للخلق، ولم يرتض لهم غيره، قال تعالى: (ورضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًاً) وقال تعالى: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) دين أحكامه تتفق مع الفطرة البشرية ولا تعارضها، حاجة البشرية إليه حاجة ماسة، لأنه تعالى لم يتعبّد خلقه إلا بما فيه صلاحهم وهدايتهم، واطمئنان نفوسهم وهذا لن يتم للخلق إلا بدين يتفق مع فطرتهم ولا يناقضها، وبذلك يمكن أن تتحقق عمارة الأرض وعبادة الله كما أراد سبحانه بالحق والعدل، إذ النفوس متهيّئة مستقرة قادرة للقيام بعمارتها راضية مطمئنة بما شرعه الله لها شهادة وغيبًا فالدين قد ضمن لها أمرين : الأول: الجواب عن كل مسألة غيبية في الدين جوابًا شافيًا، استقرت النفوس به في الدنيا وأيقنت بأن الله استعمرها في هذه الأرض مهلة يسيرة منقضية ابتلاء لهم لتحقيقهم العبادة والعمارة له خالصة وجعل الجنة ثواب من أطاعه والنار جزاء من كفر به. الثاني: الحكم في كل مسألة في الدين مما هو في عالم الشهادة حكمًا عادلًا، فهم يحتكمون إلى الدين في كل ما يقضي به ولا يجدون في صدورهم حرجًا مما قضى الله ورسوله مستسلمين لله فرحين بفضل الله وطاعته. كل جواب عن مسألة أخروية وكل حُكم في مسألة دنيوية من الدين جاء بلا شك متفقًا مع الفطرة، متفقًا مع سنن هذا الكون الذي نعيش فيه، لأن الله تعالى خلق هذا الكون حيًّا متحركًا، وكذلك الإنسان، فها هنا مجموعة من الحركات المتجددة المتغيّرة التي تحتاج إلى الاهتداء بالسنن الشرعية والأخذ بالسنن الكونية لتحقيق التوازن المشروع في العبادة والعمارة. فكل جواب عن مسألة أخروية وكل حُكم في مسألة دنيوية من الدين جاء بلا شك متفقًا مع الفطرة، متفقًا مع سنن هذا الكون الذي نعيش فيه، لأن الله تعالى خلق هذا الكون حيًّا متحركًا، وكذلك الإنسان، فها هنا مجموعة من الحركات المتجددة المتغيّرة التي تحتاج إلى الاهتداء بالسنن الشرعية والأخذ بالسنن الكونية لتحقيق التوازن المشروع في العبادة والعمارة؛ فإن الله سبحانه قدّر أن يذعن له هذا الكون كله فلا يخرج شيء منه عن مشيئته وقدره، ولكن بني آدم خيّرهم الله بين الهدى والضلال، فمنهم مَن اهتدى وثبت على فطرته مستجيبًا لشريعة الله، ومنهم من ضل فتحوّل عن فطرته مخالفًا شرع الله، قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ) لقد طرأ على البشرية بعد ذلك حالة غير سوية، حين اجتالتهم الشياطين عن دينهم وأفسدت فطرتهم، عن عياض بن حمار عن النبي «صلى الله عليه وسلم» فيما يرويه عن ربه قال: (كل مال نحلته عبدا حلال، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا) أخرجه مسلم في الصحيح. فهنالك بدأ الصراع على الأرض بين فريقين. الفريق الأول : الأنبياء والرسل وأتباعهم من المؤمنين والمصلحين، الذين يريدون إقامة الدين على الفطرة السوية وتحقيق عبادة الله بالتوحيد الخالص، وتنقيته من الشرك، وتربية الناس على أحكامه. الفريق الثاني: الشيطان وأتباعه الذين يعملون على إفساد التوحيد والشرائع والفِطر بتشريعاتٍ مخالفة للدين والفطرة التي فطرها الله يضعونها بأنفسهم، ويطلقون للإنسان رغباته وأهوائه في تلك التشريعات الباطلة، ويمدّونه بأحكام مبتذلة مرذولة متغيّرة لا تعرف الثبات؛ وللحديث بقية. [email protected]