الوسطية هي سمة الشريعة بنص القرآن فهذه الشريعة متسمة بأنها شريعة السماحة ورفع الحرج فهي تحقق المقاصد وتوافق الفطرة فالإسلام وسط بين مطالب النفس الدنيوية ومطالبها الاخروية وسط في قضايا الإيمان والأخلاق والعبادات والعلاقات الزوجية وسط في نظام المال والإدارة وفي مجالات التربية والدعوة إلى الله وسط في الالتزام الديني. قال سبحانه وتعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً} البقرة: 143. وانطلاقاً من ذلك فإن حياة الناس لا تستقيم إلا من خلال المنهج الوسط المبني على ما جاء به الإسلام فهو منهج موافق للشرع ثم موافق للعقل السليم. منهج يتسم بالتوازن والاعتدال فلا ينخدع المرء بمغريات الحياة الدنيا ولا يقود نفسه للغلو والطغيان والاعتداء. الوسطية منهج بريء من الأهواء والبدع ومن اتباع المتشابه والتأويل المبني على الاجتهاد الفردي الشاذ. وسطية الإسلام تظهر في استقراء عقائده ومبادئه وأصوله العلمية ومفهوماته وشرائعه. (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجراً كبيراً). ففي القرآن الكريم طمأنينة النفس واستقامة السلوك فقد قرأه الصحابة (رضوان الله عليهم) وطبقوه وقادوا به الأمم ونشروا به العدل وشيدوا به حضارة عظيمة. وفي نصوص القرآن العظيم وإشاراته وتعالميه تأكيد على مبدأ الوسطية التي تربي النفس وتطهرها وتجعلها غير منقادة للهوى والشيطان والركون لشهوة الحياة الدنيا. إن الشخصية المسلمة السوية هي التي تسلك الوسطية والتوازن في الأمور وفق ما أرشد إليه الكتاب والسنة النبوية وما بينه العلماء الراسخون في مقالاتهم وكتبهم وتوجيهاتهم. لذا فالوسطية هي انسجام متفق مع التوجه المتزن للأمة المسلمة واستجابة لمقاصد الكتاب والسنة النبوية فلا تطرف في رأي ولا تشدد في غير موضع التشدد.ولهذا ينبغي على طلاب العلم أن يدعوا للإسلام بشعار الترغيب والتشويق وأن يقولوا للناس حسناً ويدعوا إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة لأن الإسلام دين الرفق واللين فالرسول صلى الله عليه وسلم ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن آثماً ولا شك أن الوسطية هي اليسر بعينه. والمنهج الحق هو التوسط والاعتدال في النظرية والتطبيق في الفكر والممارسة، في الاعتقاد والعمل، والتوازن في جميع الأمور مطلب شرعي وضروري. وينبغي أن نستشعر أهمية الدور الذي يجب أن يقوم به المسلم ألا وهو ترسيخ مبدأ الوسطية في نفسه وأسرته ومجتمعه بعيداً عن طوفان الغلو وخطره وما يترتب عليه من أضرار تسيء إلى الإسلام ومقاصده السمحة مع التمسك التام بأهداف الدين القويم وعلى الإنسان المسلم أن يربط نفسه بكتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ولا ينخدع بما يروجه الأعداء من تأويلات وأفكار منحرفة وتصورات فاسدة. وعلى الإعلام المسلم المعاصر مسؤولية كبيرة في بيان معنى الوسطية ودفع الغلو والتحذير منه وكذا النهي عن الجفاء والتساهل بالدين أحكامه ليكون هناك مجتمع وسطي يتمتع بالتوازن والاعتدال وفق ما أرشد إليه الكتاب والسنة. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. ٭ المدير العام لفرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بمنطقة القصيم