يقول المصطفى صلوات الله وسلامه عليه «إنما الناس كالإبل المائة لا تكاد تجد فيها راحلة»، ويرى علماء الإدارة أن القيادة ليست فطرية فقط، بحيث إن كل من امتلك مهارات القيادة يُصبح قائدا، ولا مكتسبة فقط بحيث إن كل تخصص أو قرأ وتدرب على القيادة يصبح قائدا، بل هي فطرية ومكتسبة، فلا بد من امتلاك مهارات القيادة، ولابد من الخبرة والتدريب والتطوير، وبالتالي فليست القيادة لكل أحد. نحتاج إدراك هذا ونحن نعاني بسبب عدم إدراكنا من عدة أمور، فبعضنا يعيش في ضغط ويعاني من تأنيب ضمير لأنه لا يتولى منصبا قياديا أو لأنه يدرك -وقليل ما هم- أنه لا يمتلك المهارات القيادية، وقد كان الأولى بدلا من لوم النفس أو الانغماس في نظرية المؤامرة وأن الجميع ضده وبالتالي حرموه من القيادة، أن يتوجه إلى المجال المناسب له بعد التعرف على نفسه حق المعرفة وتحديد المسار المناسب لها، فقد يكون مستشارا مميزا، أو مدربا ناجحا، أو مفكرا عظيما، ولكنه ليس قائدا وهذا لا يعيبه، وإلا لعاب صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذين لم يكونوا كلهم خالد بن الوليد أو أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضوان الله عليهم. الخطورة الثانية في اعتقاد البعض أن لا بد أن يكون قائدا حتى يكون ناجحا، أن الكل يندفع لتولي أعمال قيادية ما إن تتاح له الفرصة أو جزء من الفرصة، سواءً على مستوى المؤسسات أو حتى على مستوى العائلات، وهنا لن تكون الخطورة على القائد الخطأ، بل عليه وعلى مؤسسته ومجتمعه بأكمله، فالناس لا تنسى والتاريخ يكتب ولا يرحم. الخطورة الثالثة أن بعض من لا يمتلك المهارات القيادية يتطوع لإبداء الرأي والمشورة، فينصح بالابتعاد عن القيادة وأنها مسؤولية ودمار، فيُبعد من يمتلك مهارات القيادة عن القيادة. القيادة هي فن التأثير في الآخرين لتحقيق الأهداف، ومن لا يملك ذلك عليه أن يبحث عن المجال المناسب له، وسيكون أكثر تميزا مما لو كان قائدا، وهذا هو نجاحه الحقيقي، فالتاريخ لم يخلّد القادة فقط.