القيادة فطرة واكتساب! هذه قاعدة أصبحت شبه محسومة عند علماء الإدارة ولكن هناك من لا يزال مصرًا على أن القيادة فطرة فقط فيريد أن يأخذ القيادة بمواهبه فقط ولا يطوّر نفسه بمواكبة الجديد، وهناك من يرى أن القيادة اكتساب فقط فيضيع عمره وعمر غيره بالتأنيب والتدريب والتطوير ليحوّل من لا يملك مقومات القيادة إلى قائد! هناك ضخ اليوم أكثر من المعدل الطبيعي في موضوع القيادة، وكيف تكون قائدًا! وهناك لوم وتعنيف مبالغ فيه لمن لا يملكون الصفات القيادية، حتى أصبحت القاعدة عند البعض إذا لم تكن قائدًا فأنت فاشل! بينما عندما نأتي إلى الحديث النبوي الذي هو الوحي الذي لا ينطق قائله صلى الله عليه وآله وسلم عن الهوى نجد «إنما الناس كالإبل المائة لا تكاد تجد فيها راحلة»! فليس كل إنسان مهيأ للقيادة! بل إن القادة أقلية! الأهم هو تحديد المسار المناسب للقدرات، فهناك المستشار، والمخطط، والمنفذ، والمحاسب، والمفكر، والواعظ، فقد وزع الله القدرات، وليس العيب ألا تكون قائدًا بل العيب ألا تعرف مكانك المناسب! أو تفضح نفسك بأن تتولى ما لا تقدر عليه، أما العيب الأكبر فهو أن تعيش بلا مسار في هذه الحياة! المقصود ألا نجعل من نحب في موقف المتهم لأنه لا يملك صفات القيادة، فنورطه -ونتورط معه- بمنصب لا يستطيع الوفاء بمتطلباته! والمقصود ألا نهدر مواردنا ببرامج تدريبية ليست مبنية على الاحتياج، فندرب من لن يستطيع حتى ولو قدمنا له أعظم الدورات من خلال أكبر المدربين! الأفضل من ذلك كله، أن نهتم بمساعدة الأشخاص في تحديد مسارهم المناسب، وتوجيههم له، وتدريبهم عليه ليرتاحوا ويريحوا! وفي الحديث الشريف قال المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم للصحابي الجليل أبي ذر - رضي الله عنه - «يا أبا ذر إني أراك ضعيفًا، وإني أُحب لَكَ مَا أُحب لنفسي، لَا تَأَمَّرَنَّ على اثنين، وَلَا تَوَلَّيَنَّ مال يتيم»! هذا وهو الصحابي الجليل أبو ذر، فكيف بغيره؟!