أعادت حادثة نيوزيلندا الإرهابية البشعة النقاش من جديد عن الكيل بمكيالين، لدى ساسة الغرب ووسائل إعلامه، في التعامل مع هذا النوع من الحوادث ووصفها وتسمية مرتكبيها بالأسماء التي يستحقونها. لطالما وُصفت هذه الحوادث بالإرهابية إذا حدثت من مسلم، بينما تحال إلى مستشفيات الجنون ومصحات عدم الأهلية إذا حدثت من مسيحي أو من أي ديانة غير الإسلام. قتل 51 مسلما أثناء صلاتهم يوم الجمعة وبينهم أطفال لم يترك للغرب (المتحيز) مجالا سوى أن يعترف بالحقيقة التي طالما أصر على تدليس وتحوير الألفاظ بشأنها. وكان رئيس وزراء أستراليا هو أول من أطلق هذه الحقيقة من عقالها حين وصف إرهابي المسجدين بأنه يميني متطرف وإرهابي. ومع ذلك فإننا لم نصل بعد إلى الحد الذي وصلت إليه وسائل الإعلام الغربية، حين تصر مع كل حادثة إرهابية، يرتكبها منتمٍ للإسلام، بوصفه بأنه (إرهابي مسلم) لتضع، في ظلم صريح، كل المسلمين بلا استثناء تحت طائلة تطرفه وإرهابه. لم نصف نحن مجرم حادثة نيوزيلندا بأنه (إرهابي مسيحي). وقد تحفظت على ذلك في تغريدة لي على تويتر من باب تسمية الأشياء بأسمائها والمعاملة بالمثل. ومع ذلك لست، إن كان سيدور نقاش حول هذه المسألة، مع الوقوع في ظلم التعميم تجاه أي ديانة من الديانات، لكنني بالتأكيد أطالب، باعتباري مسلما، ألا توضع على جبهتي علامة إرهابي لأنني أنتمي إلى الديانة التي ارتكب فيها متطرف جريمة ضد الأبرياء. الظلم يلد الظلم والدم يلد الدم والإرهاب يلد الإرهاب. وعلى الغرب أن يفهم ذلك كما نفهمه نحن. عليه أن يكف عن وصم كل المسلمين بالإرهاب، وأن يجعل من هذه الحادثة الدنيئة المروعة نقطة تحول في خطابه وعقله الإعلامي. بقي أن أؤكد على ما طالب به كل صاحب ضمير في هذا العالم، وما طالبت به المملكة في بيانها المندد بأشد العبارات بحادثة المسجدين الإرهابية، بأن تؤخذ تهديدات الإرهاب والإرهابيين على محمل الجد والمسؤولية الدولية، وتسن قوانين أممية ملزمة تُجرم خطابات العنصرية والكراهية قبل أن تتفاقم وتستعر أكثر مما هي عليه الآن.