في الوقت الذي تبادر الدول العربية والإسلامية بعمل كل ما يمكن للتقارب بين الأديان يأتي الرد الإرهابي من نيوزيلندا الدولة التي لم تكن على قائمة الدول المناوئة للإسلام لأنها تستضيف عددًا من المهاجرين اختاروا العيش بسلام في تلك الديار، أسسوا لهم دور عبادة ليمارسوا فيها شعائرهم الدينية أسوة بغيرهم من السكان الملتزمين بالأنظمة والقوانين المعمول بها في ذلك البلد الذي فسح المجال للهجرة والدراسة في جامعاته المتقدمة. ولم يكن أحد يتصور أن هناك إرهاباً منظماً خُطط للاعتداء على المصلين بشكل بشع ويرتكب مجزرة في يوم الجمعة الذي هو يوم تجمع أكبر عدد من المصلين في المساجد في أنحاء العالم، وهذه الجريمة تعد فريدة من نوعها شكلًا ومضمونًا لأن الإرهاب شخص واحد يحمل الجنسية الأسترالية ارتكب الجريمة في مسجد وانتقل لمسجد آخر بطريقة ممنهجة ومدروسة كما يبدو. لم يكن لدى الضحايا أي وسيلة للدفاع عن أنفسهم لأن مسرح الجريمة مسجد للعبادة فقط والمجرم كان يتصيدهم بدقة. استجابت الأجهزة الأمنية للحدث ونُقل المصابون إلى المصحات ونتج عن الجريمة تسع وأربعون حالة وفاة وعدد من الجرحى. اتصف المشهد بالدهشة والاستغراب حول الجرم ومكان ارتكاب الجريمة (مساجد) ونوع من السكان..!. الخطاب الرسمي في البداية لم يصفها بالإرهاب والتغطية الإعلامية كذلك خلافًا لما جرت العادة عليه عندما يكون هناك حادث ويكون الجاني من أصحاب البشرة السمراء سواء كان مسلماً أو غير مسلم، وبعد تناقل وسائل الإعلام- السوشال ميديا- وضغطها بالتعليقات على أنه عمل إرهابي شنيع ارتكب في مساجد للعبادة ظهرت رئيسة الوزراء وقالت لا يمكن وصف العمل إلا بأنه إرهابي. ومع كل نداءات التهدئة إلا أن حجم الجريمة ومكان ارتكابها له دلالة على استهداف المسلمين في أماكن عبادتهم من قبل تيار مسيحي متطرف آخذ في الانتشار والتوسع في ممارساته الإرهابية. والعالم لازال مصدومًا من هول الجريمة حجمًا ومسرح ارتكابها مع أن بعض التفاصيل التي تعود الإعلام الغربي أن يركز عليها مثل خطة الإعداد وهوية وتاريخ الجاني/الجناة، وكيف فلتوا من الرقابة الأمنية، وهل هي البداية لحوادث أفدح في دول أخرى يخطط لها ذلك التيار الذي بدأ في كراسيست شيرش في نيوزيلندا وما هي ردود الفعل في أستراليا بصفة الجاني المعروف حاليًا أسترالي الجنسية؟. إن مثل هذا التصعيد في استهداف المسلمين في أماكن عبادتهم يستوجب ردود فعل إسلامية ودولية على أعلى المستويات قبل أن يتكرر الإرهاب في دول ومجتمعات أخرى ضد ضحايا عزل بينهم الشيوخ والنساء والأطفال وفي أماكن عبادتهم..!