الانطباع الأول هو فرصتنا الأولى والأقوى لنجعل شخصا ما يكون رأيا مشجعا عن ذاتنا، والأرجح أنه سيكون دائما، وهذا أحد أهم الأسباب للتأمل في أهميته، لأنه عامل استراتيجي محوري في تشكيل نظرة الآخرين نحونا، ويحدد اتخاذ قرار الاستمرار أم الانسحاب من بداية العلاقة. دوما هناك احتمال بأن يكون هناك انحراف كبير بين حقيقتنا وما تعكسه تصرفاتنا، وأن بعضها يعكس ترجمة مختلفة دون إدراكنا، فعلى سبيل المثال إذا كنت شخصا خجولا بطبعك فربما يسيء الآخرون ترجمة ذلك ويرون فيك شخصا متكبرا متعاليا عن التواصل معهم، وإذا كنت فضوليا منفتحا في التعبير عن أفكارك وآرائك فربما يفسر كنوع من الأنانية وحب الذات والاستئثار بالحديث، بالمقابل هناك من يفضل الصمت في المقابلات الأولى وقد يعتبره الطرف الآخر نوعا من عدم الترحيب أو ضعف الاهتمام بالعلاقة، فأنت لا ترى نفسك دائما كما يراك الآخرون، فالبعض يرون أنفسهم بصورة أقل تشويقا مما يراهم من حولهم، وهناك من يغلفون شخصياتهم بغلاف جذاب، كما أن معظمنا يمتلك العديد من النقاط العمياء المجهولة بداخله، تجعله يرسل للآخرين بصورة غير واعية رسائل محبطة عن شخصه، وهذا ما يدعونا للتوسع في القراءة عن سيكولوجية صناعة الانطباعات، لنتمتع بثقة أكبر في تعاملاتنا، ونكون أكثر استعدادا للمواقف الجديدة، فهو يمنحنا آليات ذكية لاستعادة بعض العلاقات السلبية أو تطوير المحايدة منها، كما يجعلنا أعمق تعاطفا وقبولا تجاه الذين يفتقدون القدرة على صناعة الانطباع. لا يهدف كل ما سبق إلى دعوتك لتغيير طبيعتك إرضاء لمن حولك، بل أن تكون واعيا بأن ما ترسله يقترب قدر الإمكان مع ما يتم استقباله ممن حولك، فقد أكدت الدراسات النفسية أننا نعطي المعلومات الأولية الأهمية الأكبر في التقييم، فدماغنا يحب أن يعتقد ببراعته في الحكم والتقييم من الوهلة الأولى، لهذا فهو يكون الانطباع المبدئي ثم يبحث في المرات التالية عما يؤكد تحليلاته ويتجاهل ما يناقضها فالملامح الأولى هي المرشحات الرئيسية لمعالجة القادم.