الحب.. أول سؤال خطر على بالي من أين أبدأ؟ من القيم والمبادئ التي تحف المجتمع العربي بشكل عام والخليجي بشكل خاص رفض العلاقات (الحب) قبل الزواج، ربما هي عادات وتقاليد تربينا عليها وأصبح من الصعب تجاوزها بسرعة الا في حالات نادرة جداً. فحينما تمر بي الذاكرة على بعض القصص التي توجت نهايتها بالزواج أرى انها طاهرة يتخللها حب عذري بعيد عن كل معاني التحريف غير المألوف في محبة اهل اليوم التي أصبحت مملة غير صادقة، ولست أقول الجميع بل الاغلب حتى لو كنّا اليوم نتعامل مع جيل صاعد حياته مبنية على التكنولوجيا والتقنية تجده في خلاف مع العلاقات الطويلة. انا اليوم لن اعطيكم مثالا عن الحب القديم الطاهر كقيس وحبه المجنون لليلى او عنتر وعبلة او حتى روميو وجوليت، لأننا سمعنا عن قصصهم منذ ان كنّا صغارا وحفظنا أسماءهم عن ظهر قلب، لكن دعوني أحكِ لكم قصة ليست مألوفة للجميع ربما البعض يعرف الشاعرة الرائعة (فتحية العجلان) زوجة الشاعر القدير (علي الشرقاوي) حينما سألوها في احدى المقابلات كيف تزوجت بالأستاذ علي فأجابت بعينيها اللتين نطقتا قبل لسانها بطريقة عذبة وهي تسترسل بالحديث عن قصة حبها العظيمة: في البداية هممت بإرسال الرسائل اليه كنت مترددة وخائفة لان ذلك ليس من عاداتنا المتعارف عليها اطلب رأيه فيما كنت اكتب من قصائد.. فقال لي: لمن تقرئين من الكٌتاب والشعراء..؟ فقالت: لنزار قباني ومحمود درويش وبعض أسماء الشعراء الكبار. حتى قال لها بإعجاب: لا لا انا ضروري أراسلك أكثر..! ومن هنا بدأت قصة حبهما فأثمرت زواجا سعيدا. فتحية التي كتبت لعلي: «تنكشف اسرار روحي اذا طريت اسمك»، وقالت له وهو بعيد عنها: «تصور لو خلت هالديره من عينك وش أشوِّف..!». فكتب اليها: «من شفتك تغير كل شي فيني يا وردة محرق». قد أصبحنا نفتقد لذة الحب ولست هنا اقصد المبتذل بل الذي يتزايد ويكون متناميا ومتساميا عن كل الماديات والقناعات البشرية الفاسدة. نشتاق الى ذلك الخوف الذي بداخلنا حينما تدق تلك القلوب التي يشوبها الحياء، فنخبئ مشاعرنا خشية ان لا تنفضح أمام الجميع حتى لو كانت عفيفة. على عكس ما يحصل اليوم نراه شعاراً يجاهر به الجميع يتكلله الزيف والادعاء الكاذب والأهازيج الاصطناعية فقط من اجل الشوو. تلك هي الحقيقة للأسف اننا أصبحنا نبحث عن المادة حتى نعيش باستقرار وليست هي بنهاية العالم لو زيفنا مشاعرنا فعدم الوضوح هذا يجعلنا في تناقض من عدم المواجهة مع ذاتنا والاستمرار في الاختفاء خلف الاقنعة، نحن في زمن نحتاج فيه من الحب الذي قال فيه رسولنا العظيم (لا تؤذوني في عائشة).