هل فعلاً الزواج مُتهم بقتل الحب بين الزوجين؟ ومن يقتل الآخر، الحب أم الزواج؟ جدلية لا يمكن الوصول إلى حقيقة مطلقة حيالها، فالزواج قد يكون متهماً بقتله للحب، إنه ما أفشل الزوجين في الاستمرار معاً رغم قصة الحب الأسطورية التي عاشاها قبيل اقترانهما، وقد يكون الحب حيناً آخر هو المتهم بالتسبب في هدم الحياة الزوجية، خصوصاً إذا ما تحول الحب إلى تملك خانق مُنفر، أو تسببت الغيرة المرضية إلى الطلاق رغم حب الزوجين لبعضهما. ولنحاول أن نكون منصفين، فكرة هل إن الزواج يقتل الحب، والتي قد تتوارد هنا وهناك بين عقول المترددين في الزواج، أو المتخوفين من الإقدام عليه كي لا يفقدوا حلاوة العشق والهيام، أمر لا يحدث إلا بتصرف الأفراد أنفسهم. فالحب والزواج بريئان من سلوكيات البشر. فالحب مشاعر وأحاسيس وكيمياء، والزواج رباط مقدس يعطي الشرعية للتعبير عن هذا الحب في إطاره المحلل، والحب لا يتوقف عند أبيات شعرية، أو المعسول من الكلام، فالحب أفعال ولا نقلل بالطبع من وزن الأقوال. وما يغفل عنه البعض أن للحب مراحل وأوجها مختلفة، فحب العشاق مختلف عن حب الزوجين في سنوات حياتهما الزوجية الأولى، والحب الأخير مختلف عن حب الزوجين مثلاً بعد عشرين عاماً من العشرة والزواج وإنجاب الأبناء، ومن يبكي على أطلال حبه في بداياته كمن يقتل حبه الحالي مع سبق الإصرار والترصد. من الطبيعي أن يكون عشق وحب الزوجين في بداية اقترانهما حالماً ومتلهفاً أحياناً، خصوصاً أن كلا الزوجين يُظهر أفضل ما عنده للآخر، وقد يتجملان أو يكذبان أحياناً للخروج في صورة مثالية. ومع مرور الوقت والسنوات، من كان يلبس قناعاً سيمله وسيرميه ليعيش حياته التي تعود عليها. والمسؤوليات ستتضخم مع إنجاب الأبناء، ناهيك عن تطور عجلة الحياة، فيعتقد البعض خطأ بأن الزواج هو من قتل حبهما، لا.. إنهما هما من استصعبا الحياة ومسؤولياتها. خفوت جذوة الحب أمر طبيعي في الحياة الزوجية، بيد الزوجين أن ينعشا نبض حبهما، أو أن يتعاونا على استمرار مرضه، وربما يسهمان معا في موته ودفنه، فالروتين عدو لكل أمر في حياتنا، ومن بينها الحياة الزوجية، فأحاديث الأمس والقصص المشوقة، ستكون مكررة مملة مع الأيام فستلقي بظلالها على العلاقة الزوجية، وسيتسلل الصمت الزواجي بينهما، حينها سيتدمر أحدهما أو كلاهما ثم يلقيان التهم الجزاف على الزواج إذا ما مات أو مرض حبهما. ياسمينة: لو قُدر لقيس وليلى أو روميو وجوليت الزواج، وخوض دورة الحياة الزوجية بمسؤولياتها لما بقيت أسماؤهم مضرباً للحب ولم يكونوا يوماً أسطورة يترنم بها العشاق.