تظهر التقارير الواردة من سورية أن المعارك العنيفة التي تدور في غير مدينة في البلاد لا تكوي بنيرانها المدنيين والعسكريين والأبنية السكنية والتاريخية فحسب، بل تطال أيضًا العاملين في الحقل الإعلامي، والذين وصلت مستويات استهدافهم إلى درجاتٍ قياسية ومخيفة خلال الأسبوعين المنصرمين، وذلك مع ارتفاع وتيرة الاشتباكات في عاصمتي سورية، حلب ودمشق، وتواصلها في المدن السورية المشتعلة أصلًا. وخلال الأيام الماضية قتل مساعد المصوّر، حاتم أبو يحيى، في القناة الإخبارية الرسمية السورية، فيما اختطف زملاؤه الثلاثة، قبل أن يطلق سراحهم لاحقًا بعملية للجيش السوري. كما تمت تصفية الصحافي علي عباس من وكالة سانا الإخبارية الرسمية في بيته بجديدة عرطوز في الريف الدمشقي بدم بارد كما أفاد من شاهدوا جثته بعد مقتله. ولا تنحصر التصفيات في صفوف الموالين للنظام السوري، بل تشمل أيضًا النشطاء الإعلاميين للمعارضة ممن تجري تصفيتهم على الرغم من أنهم ليسوا مقاتلين ولا يحملون السلاح، بل القلم والكاميرا، وهي أدوات خطيرة يدرك الموالون والمعارضون لنظام الرئيس السوري بشار الأسد أهميتها الفائقة في الصراع الدموي الجاري على الأرض السورية. إعدامات بدم بارد وتظهر أبحاث لجنة حماية الصحفيين الدولية أن 14 صحفيًا على الأقل لقوا حتفهم منذ نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي بينما كانوا يغطون الأحداث في سورية، وقد توفي تسعة منهم على الأقل في ظروف تثير الاشتباه بمسؤولية الحكومة عن مقتلهم، مما جعل سورية أخطر مكان للصحفيين في العالم. ويعكس استهداف الحقل الإعلامي الدور الكبير الذي يلعبه الصحافيون في رفد الطرفين المتصارعين على الأرض، حيث يدرك الطرفان أن المعركة في جزء منها هي إعلامية بامتياز، لكن الخاسر الأكبر، كما يرى المراقبون للشأن السوري، هو حرية التعبير، وضمان الوصول الحر والآمن لمصادر المعلومات على أرض الواقع. ويلاحظ مراقبون هنا أن سورية ليست أرضًا آمنة لعمل الصحفيين في ظل انتشار السلاح الكثيف بين فرقاء صار من الصعب معرفة هويتهم، أو طبيعة نظرتهم للعملية الإعلامية التي ينبغي للأطراف المتناحرة ضمان سلامتهم وحرية تجوالهم، ولو في المناطق الملتهبة كحلب الآن على سبيل المثال. وكانت السلطات السورية قد حذرت الصحفيين في وقتٍ سابق من العام الجاري من دخول المناطق التي يفرض المسلحون سيطرتهم عليها، كما حذرتهم من أنها غير مسؤولة عن سلامتهم إن هم دخلوا البلاد بطريقةٍ غير شرعية. لكن بعض الذين دخلوا حمص وحلب بطريقة غير شرعية برفقة ميليشيات المعارضة يقولون إنهم ما كانوا ليحصلوا على التصريحات اللازمة لعملهم من السلطات السورية الرسمية، وهو ما يضطرهم لسلوك الخيار الصعب والمجازفة بحياتهم للوصول إلى مناطق القتال التي غالبًا ما ظلت متروكة لشهود العيان الذين كانوا خلال الفترات الماضية من عمر الأزمة السورية النافذة الوحيدة لما يجري على الأرض السورية. ولا نجافي الحقيقة إذا قلنا إن شهود العيان ليسوا إعلاميين مؤهّلين لنقل صورة موضوعية عما جرى ويجري على الأرض السورية. هذا الأمر أدركته محطات عربية كبرى، كالعربية والجزيرة، حيث لجأت في الفترة الأخيرة إلى إيفاد مراسيلها المؤهّلين للعمل على الأرض بغية الحصول على تغطية بحرفية ومهنية أفضل. وكانت السلطات السورية قد حذرت الصحفيين في وقتٍ سابق من العام الجاري من دخول المناطق التي يفرض المسلحون سيطرتهم عليها، كما حذرتهم من أنها غير مسؤولة عن سلامتهم إن هم دخلوا البلاد بطريقةٍ غير شرعية. بين الصحافة التقليدية وصفحات «الفيسبوك» ويلاحظ المراقبون أن التغطيات الحالية للوضع السوري، على غرار ما حدث في البلدان العربية التي شهدت انتفاضات الربيع العربي كمصر وليبيا وتونس، تمزج بين آليات الصحافة التقليدية وبين صحافة التويتر والفيسبوك والمدوّنات الشخصية، حيث باتت تقارير المحطات تعتمد على فيديوهات لهواة ومحترفين لكنهم لا يحترفون العمل الإعلامي، وهذه الحقيقة تجعلهم عُرضة لملاحقة السلطات، وبالفعل فقد تمّ قتل،أو اعتقال، العديد منهم بسبب نشاطهم على الأرض وعلى الشبكة العنكبوتية. ووفق ما أظهرته تقصّيات لجنة حماية الصحفيين، عادة ما يتعرّض من يُعتبرون مناهضين للنظام لمضايقاتٍ وتهديدات أو ما هو أسوأ من ذلك. فقد عمد المسؤولون الأمنيون إلى التحقيق مع النشطاء للحصول على كلمات المرور السرية لمواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك، كما تمّ اعتراض بعض التواصل عبر الإنترنت لتحقيق الغاية ذاتها. وبالرغم من أن الحكومة السورية أعلنت في أغسطس/ آب من العام المنصرم أنها أقرت قانونًا جديدًا للإعلام من شأنه أن يحسن حرية الإعلام وأن ينهي ممارسة سجن الصحفيين، إلا أن تقارير لجان حماية الصحفيين وثقت عشرات الحالات التي جرى فيها احتجاز صحفيين وعزلهم عن العالم الخارجي وحالات لصحفيين أجانب جرى طردهم قبل إقرار القانون الجديد وبعده. اعتداءات دموية على الصحافة والصحافيين وتصاعدت خلال الشهرين الماضيين حالات الاعتداء على الصحافيين، فقد تمّ إيقاف بث قناة الدنيا الخاصة والقريبة من الحكومة، وجرى تفجير في الطابق الثالث من مبنى التليفزيون الحكومي في ساحة الأمويين بدمشق. كما تمّ يوم 27 يونيو/ حزيران الفائت قتل عدد من موظفي محطة (الإخبارية) التليفزيونية السورية الحكومية عندما تعرّضت المحطة لاعتداء شنه مسلحون، حيث تم الإبلاغ عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة سبعة آخرين، حسب وكالة سانا الحكومية السورية. وفي تعليقها على الحادثة أشارت منظمات إخبارية دولية إلى أن القيود المشددة التي تفرضها الحكومة السورية على الصحافة تجعل من الصعب التحقق من التفاصيل بصفة مستقلة. ولم تنس تلك المنظمات الإشارة إلى أن الصحفيين الذين يغطون النزاعات هم مدنيون، ويمثل الاعتداء عليهم وعلى مكاتبهم انتهاكًا خطيرًا للقانون الإنساني الدولي. وطالبت جميع الأطراف في سورية باحترام وضع الصحفيين وضمان سلامتهم. الموقف ذاته أفادت به الأممالمتحدة على لسان رئيس فريق مراقبيها الدوليين في سورية الجنرال جاي حين قال إن «الأممالمتحدة تلتزم في كل الدول بحرية الصحافة والإعلام، ويلعب الاعلام في سورية دورًا كبيرًا، ولا يسعنا إلا إدانة أية أعمال عنف تستهدف الإعلام من أي طرف كان». حرية التعبير والتعددية هي الخاسرة وفي ظل تزايد الاعتداءات على الصحفيين في سورية، فإن من الملحّ أن تُطالب الأطراف المتنازعة الالتزام بميثاق شرف ولو غير مكتوب يضمن التنقل الحُر للصحفيين في شتى مناطق النزاع وتوفير الحماية لهم، وضمان التعبير عن آرائهم من دون شعور بالخوف من الاعتقال أو القتل. بل وفتح الباب واسعًا أمام الصحافة كي تعمل على أرض الواقع لتنقل للعالم ما يجري فعلًا من أحداث ووقائع بعيدًا عن ثقافة الثأر التي أدت إلى مقتل ناشطين إعلاميين كُثر في سورية، وفي بلدان الربيع العربي. ومن دون هذا الميثاق الذي يلتزم بالمعايير الدولية لعمل الصحافة والصحفيين ستظل فصول معاناة الصحفيين السوريين تتوالى.. فمنذ أيام تناقلت الأخبار أن المعارضة قتلت المذيع محمد السعيد بعد اختطافه أمام أطفاله، كما قُتل الناشط الإعلامي المعارض براء البوشي، وربما كان حظ فريق الإخبارية جيدًا لأنه تمّ انقاذهم، لكن لا ضمانة في توقف أعمال الخطف والاستهداف والقتل من الجانبين، ولعل الخاسر الأكبر هو الحقيقة، ومصداقية الصحافة التي تتنفس بهواء الحرية وتستمد غناها من التعددية في الرأي والرؤية بين موالاة ومعارضة. الأورومتوسطي : قتل الصحافيين الأجانب يستوجب الإدانة الكاملة ل "الممارسات الوحشية" صحفيون قضوا بنيران الجيش السوري نتيجة القصف على مواقع عملهم (رويترز) عد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أنّ الإدانة الواسعة لمقتل صحافيين أجنبيين في حي بابا عمرو بمدينة حمص وسط وغربيّ سوريا يستوجب إدانة كاملة لجميع "الممارسات الوحشية" التي يرتكبها نظام بشار الأسد. وأدان المرصد في بيان تلقت "صفا" نسخة عنه الخميس استهداف قوات النظام السوريّ للمركز الإعلامي للصحفيين والناشطين في حي بابا عمرو، ما أسفر عن مقتل الصحافية الأميركية ماري كولفن، والمصور الصحفي الفرنسي ريمي أوتليك، وإصابة ثلاثة صحافيين آخرين بجراح بعضُها خطيرة. وأضاف أن "على الجهات التي أدانت حادثة مقتل الصحافيين أن تتحرك بصورة ملموسة لإيقاف شلال الدم المتفجر في سوريا، لاسيما في أحياء حمص التي تُحاصر قوات الجيش النظامي بعضها منذ 20 يومًا، وتستهدف أحياءها السكنية بالقذائف الصاروخية، وسلاح القنّاصة". واستنكر المرصد تبرئة وزارة الإعلام السورية النظام من مسؤولية استهداف الصحافيين، منوّهًا إلى أنّ السلطات تحظر دخول الصحافيين إلى البلاد، وتضع عراقيل أمام حركتهم داخل المدن والأحياء المنكوبة، ما يضطرهم إلى المخاطرة بحياتهم لتوثيق ما يجري على الأرض. كما استهجن إدانة الخارجية الروسية "البهلوانية" لحادثة مقتل الصحافيين، في الوقت الذي تتنكر فيه روسيا لحق الإنسان السوري بالحياة، وترفد آلة الموت الرسمية بالقوة لتقتل المزيد من المدنيين الأبرياء. وأكّد أنّ ما وثقه من شهادات في بابا عمرو يُشير إلى أنّ قرابة 50 ألف سوري هناك يتعرّضون إلى "حرب وحشية" بدأت باقتحام الجيش النظامي للحيّ بتاريخ 5 فبراير، وشلّت جميع أشكال الحياة فيه. الانتهاكات طالت الصحفيين والإعلاميين منذ اندلاع الثورة رويترز - دمشق وثقت لجنة الحريات الصحفية في رابطة الصحفيين السورية، والمعنية برصد الانتهاكات التي تطال الصحفيين والنشطاء الإعلاميين في سورية مقتل سبعة صحفيين اثنان منهم عراقيان. لترتفع بذلك حصيلة شهداء الثورة السورية من الإعلاميين إلى 54 صحفياً وناشطاً إعلامياً منذ اندلاع الثورة في آذار مارس 2011 وبذلك يسجل شهر تموز ارتفاعاً كبيراً في سجل ضحايا الثورة السورية من الإعلاميين والصحفيين المواطنين. كما واعتقلت قوات الأمن السورية الإعلامي المواطن وعضو لجان التنسيق المحلية سليم قباني أثناء تواجده في العاصمة دمشق. حيث كان يتحدث قباني مع عدة قنوات إخبارية عن الحراك السلمي والإعلامي للثورة السورية، وعمل في مجال تحرير الأخبار وتوزيعها على وسائل الإعلام، و ينشط من مدينة حمص. أسماء بعض الإعلاميين والصحفيين القتلى 1- محمود حمدو حلاق، مصور مواطن: قتل إثر سقوط قذيفة هاون على مدينة إعزاز في ريف حلب بتاريخ 02-07-2012. 2- علاء عمر جمعة، صحفي ومصور مواطن: استهدف بقذيفة هاون قتلته مع صديقين آخرين له هما غسان حجو وهاني ضهرو بالقرب من ناحية كنسبا، على الحدود السورية التركية، بتاريخ 4-7-2012. وتوفي في تركيا متأثراً بجراحه. 3- إحسان البني، مصور: اغتالته مجموعة إرهابية في داريا في ريف دمشق أثناء ذهابه إلى عمله بتاريخ 12-07-2012 4- علي جبور الكعبي، صحفي عراقي: قتل بالرصاص وبطعنات سكاكين في جرمانا في ضواحي دمشق بتاريخ 14-07-2012. 5- فلاح طه، صحفي عراقي: قتل بالرصاص وبطعنات سكين في جرمانا بضاحية دمشق بتاريخ 14-07-2012. 6- محمد الحصني، مصور ومدير المركز الإعلامي لحي القصور: قتل إثر قصف تعرض له الحي في مدينة حمص بتاريخ 19 - 07- 2012. 7- محمود صدقي سخيطة، صحفي مواطن، ومراسل شبكة أخبار إدلب: قتل تحت التعذيب بعد ان تم اعتقاله من قبل الجيش على أحد الحواجز في جبل الزاوية