بيروت، دمشق -»الحياة»، أ ف ب، رويترز، أ ب - في تدهور لافت للوضع الأمني في حلب، ثاني اكبر المدن السورية و»القلب الاقتصادي» للبلاد، قال ناشطون وشهود إن قوات الأمن اقتحمت وهاجمت المدينة الجامعية في جامعة حلب منذ ليلة أول من امس وحتى الصباح وأن قوى الأمن أطلقت الرصاص الحي والغازات المسيلة للدموع ما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 4 طلاب وإصابة العشرات واعتقال المئات. وأفاد ناشطون انه عقب اقتحام الأمن للجامعة خرجت تظاهرات كبيرة في مناطق عدة في حلب تندد بالنظام السوري وسجلت اشتباكات. كما تظاهر طلاب في الحرم الجامعي صباحاً تضامناً مع زملائهم ما حدا بالسلطات إلى إعلان تعليق الدراسة في الجامعة. ولم يقتصر الأمر على جامعة حلب، ففي جامعة درعا تظاهر عدد من الطلاب للمطالبة برحيل النظام وإطلاق سراح المعتقلين. فيما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن قوات الأمن أجبرت الطلاب في مدينة احسم بجبل الزاوية في إدلب الملتهبة على الخروج بمسيرة مؤيدة للنظام صباح امس. وجاء ذلك فيما واصلت قوى الأمن عمليات المداهمة والاعتقال والاشتباك مع منشقين في دمشق وريفها وحمص وريفها. وعن أحداث حلب، قال ناشطون ومنظمات حقوقية إن قوات الأمن السورية اقتحمت ليلاً جامعة حلب التي تشهد حركة احتجاجية متصاعدة منذ اشهر وأطلقت النار على الطلاب، ما اسفر عن مقتل وجرح عدد من الطلاب واعتقال آخرين. وقال الناطق باسم اتحاد تنسيقيات حلب محمد الحلبي في اتصال عبر سكايب مع فرانس برس إن «عناصر من الأمن اقتحموا المدينة الجامعية ليلاً بأعداد كبيرة وأطلقوا النار في حرم الجامعة وذلك عقب خروج تظاهرة طالبية حاشدة تنادي بإسقاط النظام». وقتل جراء ذلك أربعة طلاب على الأقل، وجرح 28 آخرون، واعتقل نحو 200 طالب. ونُقل عن طالب ناشط اسمه ثائر الحمد قوله إن قوات الأمن الحكومية ومليشيات موالية لها (الشبيحة) أطلقت عبوات الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي لتفريق المتظاهرين في جامعة حلب بعد أن اقتحمت سكن الطلاب ليلاً. ونسبت وكالة «اسوشيتدبرس» إلى الطالب السوري قوله إن عملية الاقتحام وإطلاق النار ظلا مستمرين حتى صباح امس. وأكدت لجان التنسيق المحلية، التي تمثل جماعات معارضة، والمرصد السوري لحقوق الإنسان، تلك الهجمات والخسائر البشرية. وخرجت تظاهرات عقب ذلك في عدد من أحياء حلب نصرة لطلاب الجامعة بعدما ترددت أنباء ما جرى في الجامعة وفق تنسيقيات مدينة حلب، والتي تشهد منذ اشهر تصاعداً في الاحتجاجات الشعبية والطالبية والنقابية واعتصامات متواصلة من قبل الطلاب والمحامين. وقال سكان إن قوى الأمن أطلقت الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين في أحياء عدة من حلب. وأعلنت إدارة جامعة حلب من جهتها تعليق الدروس في كل كلياتها «بسبب الظروف الحالية»، وفق ما جاء في الموقع الإلكتروني للجامعة. وكتب الموقع الإلكتروني للجامعة على الإنترنت «نظراً للظروف الحالية تعطل الكليات النظرية حتى موعد الامتحانات، وتعطل الكليات التطبيقية والمعاهد حتى تاريخ 13 أيار (مايو)». وقال محمد الحلبي إن «طلاب الجامعة منعوا من دخول الجامعة وأبلغوا بهذا القرار كما ابلغوا بقرار اغلاق المدينة الجامعية (سكن الطلاب) حتى اجل غير مسمى». وأضاف أن عناصر الأمن «اقتحموا مساكن الطلاب قبل الظهر وطردوا الطلاب ورموا ممتلكاتهم وأحرقوا بعض الغرف». وقال نشطاء إن قوات أمن وطلاباً مسلحين بسكاكين هاجموا المحتجين في جامعة حلب. وظهرت لقطات من هذه الأحداث على تسجيلات مصورة على الإنترنت. وخرجت تظاهرات تضامناً مع الجامعة في مناطق عدة، لا سيما في درعا (جنوب) ودير الزور (شرق)، وفق ما أفادت لجان التنسيق المحلية. في موازاة ذلك، نفذت قوات الأمن السورية مداهمات منذ صباح امس في الأراضي الزراعية المحيطة بحرستا وفي منطقة الملعب في مدينة دوما بريف دمشق، وفق المرصد السوري. وأفادت لجان التنسيق المحلية بتنفيذ قوات الأمن حملة مداهمات واعتقالات في قرية دف الشوك بريف دمشق. وقال مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق في بيان إن قوات الأمن اقتحمت صباح امس مدينة يبرود. وفي ريف حمص (وسط) قصفت القوات النظامية قرية غرناطة المجاورة لمدينة الرستن التي تعد احد معاقل «الجيش السوري الحر» في حمص، وفق ما أفاد ناشطون في الرستن لوكالة فرانس برس. وقتل منشق ووالده قرب مدينة الحولة، برصاص القوات النظامية، وقتل جندي نظامي اثر إصابته بإطلاق رصاص في القصير، وفق المرصد. كما دارت اشتباكات في بساتين مدينة تدمر اثر انشقاق ستة جنود عن القوات النظامية، في ريف حمص. وتعرضت قلعة الحصن وقرية الزارة لقصف الدبابات ومدافع الهاون وفق لجان التنسيق. وفي إدلب (شمال غرب) قتلت سيدة برصاص عشوائي من حاجز امن في قرية صراريف. وقال المرصد إن قوات الأمن أجبرت الطلاب في مدينة احسم بجبل الزاوية على الخروج بمسيرة مؤيدة للنظام صباح امس. وفي دير الزور (شرق) اقتحمت القوات النظامية بلدة موحسن وأطلقت النار فيها عشوائياً، وفقاً للمرصد. من ناحيتها، ذكرت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) أمس أن لاعب المنتخب السوري لكرة السلة باسل ريا «استشهد الليلة الماضية متأثراً باصابته برصاص مجموعة إرهابية مسلحة» استهدفته قبل أيام أمام المدرسة التي كان يدرب فيها بمنطقة صحنايا في ريف دمشق. وأكدت الوكالة «أن مجموعة إرهابية مسلحة استهدفت بنيران أسلحتها الرشاشة اللاعب ريا ما أدى إلى إصابته بجروح بالغة حيث أصيب بستة أعيرة نارية نقل بعدها إلى المستشفى وأجريت له عملية جراحية قبل أن يفارق الحياة بعد أسبوع من إصابته». في غضون ذلك، أفادت مواقع الثورة السورية على الإنترنت بأن الناشط إسماعيل علي الشيخ حيدر نجل رئيس الحزب القومي السوري المؤيد للنظام السوري ورفيقه فادي عطاونة قتلا في مكمن نصبته لهما قوات الأمن على طريق حمص مصياف. وبث ناشطون صوراً لشاب ملثم شارك في تظاهرات سابقة للمطالبة بإسقاط النظام قالوا إنه الشاب إسماعيل علي حيدر. وبينما ذكرت وكالة الأنباء السورية أن حيدر ورفيقه اغتيلا من قبل من سمتهم عناصر إرهابية مسلحة، قال ناشطون إن طريق حمص مصياف لا يوجد فيها إلا حواجز الشبيحة والأمن واللجان الشعبية. وقالت الهيئة العامة للثورة السورية إن الجيش النظامي قصف قرى سهل الغاب وجبل شحشبو في ريف حماة. اعتقال نجلي الناشط السوري فايز سارة من جهة أخرى، اعتقلت الأجهزة الأمنية السورية نجلي المعارض السياسي البارز فايز سارة واقتادتهم إلى جهة مجهولة دون بيان أسباب الاعتقال، كما أفاد والدهما. وذكر سارة في اتصال هاتفي مع فرانس برس أن «مجموعة من العناصر الأمنية اقتحمت البناء الذي يسكنه الشقيقان عند السادسة صباحاً (3 تغ) وقاموا بكسر باب شقتيهما واقتحموا منزلهما بحثاً عن أسلحة واقتادوا بسام (37 سنة) ووسام (26) إلى جهة مجهولة». وأضاف سارة أن «العناصر الأمنية لم تصرح إلى أي جهة أمنية تنتمي ولم تبرز مذكرة توقيف ولم تفصح عن التهمة التي اقتيد بسببها» الشقيقان. وأشار إلى أن ولديه يعانيان من مشاكل صحية «ولم يتركوا لهما الفرصة لإحضار أدويتهما معهما». ودان سارة هذا الاعتقال معتبراً انه تصرف «خارج عن القانون»، مضيفاً أن ولديه «لا يتميزان عن بقية الشبان الذين يعانون من الاعتقال والتهجير والقتل». وكان الكاتب والإعلامي المعارض فايز سارة من بين اكثر من 100 صحافي أسسوا في شباط (فبراير) «رابطة الصحافيين السوريين» معربين عن تضامنهم مع «الحراك الثوري» وعن إدانتهم «لانحياز» اتحاد الصحافيين الرسمي إلى «القمع الذي يمارسه النظام ضد التظاهرات السلمية وتبريره». وفايز سارة واحد من بين المثقفين الذين تمت دعوتهم لحوار مع جهات مقربة من السلطة للتعبير من خلاله عن آرائهم حول الإصلاحات السياسية والحريات العامة عند بداية اندلاع الحركة الاحتجاجية في سورية. إلا أن السلطات اعتقلته عقب ذلك لشهرين. من جهة أخرى، أبدى المرصد السوري لحقوق الإنسان قلقه إزاء الحالة الصحية للمعارض محمود عيسى مطالباً السلطات السورية بالإفراج الفوري عنه. وقال المرصد في بيان امس»إن الوضع الصحي للمعارض محمود عيسى قد تدهور داخل مركز الاعتقال الأمني المعتقل فيه منذ الرابع من نيسان (أبريل)». واعتقل محمود عيسى في الأشهر الأولى لاندلاع الاحتجاجات في سورية من مدينة حمص، ثم انتقل بعد الإفراج عنه إلى السويداء جنوب البلاد حيث أعيد اعتقاله الشهر الماضي. وينتمي محمود عيسى للطائفة العلوية، وهو احد الموقعين على إعلان بيروتدمشق-دمشق بيروت في العام 2005، الذي دعا إلى تصحيح العلاقات بين سورية ولبنان وسحب الجيش السوري من لبنان. وسبق أن اعتقل لسنوات بتهمة الانتماء إلى حزب العمل الشيوعي. وطالب المرصد السوري لحقوق الإنسان السلطات السورية «بالإفراج الفوري وغير المشروط عن المعارض محمود عيسى وعن جميع معتقلي الرأي والضمير والتظاهرات السلمية في السجون والمعتقلات السورية». ويقدر المرصد السوري عدد المعتقلين على خلفية الاحتجاجات في سورية بأكثر من 25 ألف شخص.