ألقت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني الخميس الماضي قنبلة اقتصادية من العيار الثقيل في مؤشر جديد يعكس الحالة الاقتصادية العالمية المتردية، وذلك حين خفضت تصنيف 15من أكبر المصارف العالمية، بدعوى مخاوف بشأن استقرار النظام المالي العالمي. ولم تتردد الوكالة في تخفيض التصنيف لأكبر المصارف العالمية دون مزايدات على ما يترتب من نتيجة التخفيض في الأسواق والاقتصاديات العالمية، وشملت مجزرة التصنيف عددًا من المصارف التي تقوم بنشاطات مالية في السوق العالمية، خمسة أمريكية من بينها أقطاب المصارف بالولايات المتحدة - «بنك أوف أمريكا»، و»غولدمان ساش» - إلى جانب ثلاثة فرنسية، ومصرفين سويسريين، وثلاثة بريطانية، وواحد كندي، وآخر ألماني. وبررت موديز خطوتها، التي اتخذت بعد إغلاق الأسواق الأمريكية، الخميس، بقولها: «كافة المصارف المتأثرة بالإجراءات مكشوفة بشكل كبير للتقلبات ومخاطر الخسائر الضخمة الكامنة في أنشطة أسواق رأس المال». وأفادت وكالة التصنيف الائتماني بأن التخفيض جرى لأن فرص تلك البنوك طويلة المدى للربحية والنمو تنكمش معربة عن قلقها فيما يتعلق بالبنوك ذات النشاطات الرأسمالية السوقية المهمة أثناء التقلبات المتزايدة في الأسواق. خفض التصنيف الائتماني عادة ما يعني أنه أصبح من المكلف للبنوك أن تجمع الأموال من خلال بيع الديون لأن المستثمرين يطالبون بفائدة عالية على الديون الأكثر مخاطرة. ويقول الاقتصاديون إن خفض التصنيف الائتماني عادة ما يعني أنه أصبح من المكلف للبنوك أن تجمع الأموال من خلال بيع الديون لأن المستثمرين يطالبون بفائدة عالية على الديون الأكثر مخاطرة وهو ما يمثله التصنيف. وجاءت خطوة الوكالة وسط مخاوف بشأن استمرارية أزمة الديون في أوروبا، والفوضى التي تنجم عن ذلك في الأسواق العالمية، وذلك ما يشير الى الطريق المظلم الذي تتجه فيه الأزمة العالمية الى المجهول باعتبار أن المصارف المتراجعة قيادية على الصعيد الدولي. وخفضت «موديز» التصنيف الائتماني ل»بنك اوف أمريكا» و»سيتي غروب» إلى «بي ايه ايه 2»، بفارق درجتين فقط عن فئة «المضاربة، في وقت انخفضت فيه أسهم كل من «»بنك أوف أمريكا» و»غولدمان شاس» و»جي بي مورغان» و»مورغان ستانلي» و»سيتي غروب» و»دويتشه بنك» قد انخفضت ما بين 1.7 إلى 3.9 بالمائة خلال تعاملات الخميس، على خلفية شائعات جرى تداولها بشأن التخفيض قبيل الإعلان عنه. وخفضت الوكالة تصنيف ثلاثة مصارف فرنسية «بى إن بى باريبا» و»كريدى أجريكول» و»سويستيه جنرال» درجتين لتصل إلى «إيه 2». وقالت (موديز) «إن هذا القرار يهدف إلى تسليط الضوء على تقلب أنشطة المصارف، وما ينتج عنها من مخاطر تكبّد خسائر كبيرة. وجاءت توقعات الوكالة بالنسبة لبنك «كريدى أجريكول» سلبية بسبب «انكشافه الأكبر على ديون اليونان ومخاطر خروج هذا البلد من منطقة اليورو، فيما أبقت على توقعات مستقرة للمصرفين الفرنسيين الآخرين. وجاء التخفيض الائتماني الأخير ضمن سلسلة من الخطوات المماثلة اتخذتها «موديز» حيال سلسلة مصارف في القارة الأوروبية خلال الأسبوعين الماضيين، استهدفت بها مصارف ألمانية ونمساوية ودنمركية وسويدية وفنلندية. وكانت المصارف في كل من إسبانيا وإيطاليا واليونان، وهي الدول التي تنوء تحت ثقل أزمات الديون السيادية، قد تعرّض تصنيفها للتخفيض مرات عدة. ومن جهتها وفي تعبير عن ردة فعلها للتصنيف، قادت مجموعة سيتي جروب رفض بنوك وول ستريت للخطوة التي أقدمت عليها موديز. وكانت موديز قد خفضت تصنيف سيتي جروب درجتين إلى أدنى مستوى تصنيفي لها منذ إنشائها عام 1998، وقال «سيتي» إن ما قامت به وكالة التصنيف غير مبرر وتعسّفي، موجّهة نصحها إلى المستثمرين بالاعتماد على تحليلات وتقييمات بديلة لا تتسم بالغموض والإبهام. وقالت المجموعة التي تكوّنت قبل أربعة عشر عامًا من اندماج سيتي كورب، وترافيلرز جروب إن النهج الذي تتبعه موديز فشل في إدراك التحوّل الذي تعيشه سيتي جروب على مدى السنوات الماضية. وقالت أيضًا إن موديز عاملت البنوك الأمريكية معاملة سيئة على نحو غير متناسب بالمقارنة مع منافسيها من البنوك الأوروبية. ويقف تصنيف سيتي جروب حاليًا عند Baa2 ليكون على بُعد خطوتين فقط من المستوى المضاربي غير المرغوب فيه من قبل المستثمرين. وسبق لوكالة «موديز» أن خفضت قبل أسبوع التصنيف الائتماني لخمسة مصارف هولندية بينها مجموعة هولندا العالمية ورابوبانك. وجاء التخفيض نتيجة الركود الاقتصادي في منطقة اليورو التي تعاني من أزمة ديون كبيرة، واعتماد المصارف الهولندية على القروض القصيرة المدى من مصارف أوروبية أخرى. يُشار الى أن وكالة موديز (Moody›s Corporation) هي شركة قابضة، أسسها جون مودي في عام 1909م، وتملك خدمة موديز للمستثمرين التي تقوم بالأبحاث الاقتصادية والتحليلات المالية وتقييم مؤسسات خاصة وحكومية من حيث القوة المالية والائتمانية، وتسيطر الوكالة على نحو 40 بالمائة من سوق تقييم القدرة الائتمانية في العالم.