كثيرا مانسمع النصوص المبشرة بالعزة والتمكين والنصر لهذا الدين وفي المقابل نسمع النصوص التي تبين ضعف هذه الأمة وأنها ستتبع غيرها وأن الأمم يتكالبون عليها من كل حدب وصوب . ولاشك أن النصوص لاتتعارض, وأن سنن الله ماضية في الأولين والآخرين وأن أحوال الأمة بحسب علاقتها مع ربها وبارئها , بل إن الأمر يتعدى إلى مستوى الفرد فضلا عن مستوى الأمة , وهذا مشاهد ومعلوم, بل وقد فطرت النفوس عليه, حتى العوام قد علموا يقينا أن الظالم والمنحرف والعاصي لابد يوما أن يجد جزاء مااكتسبت يداه وأن المثل الذي يقول:» إن الله لايضرب بعصى « أي يجازي وأن الجزاء من جنس العمل لايتخلف وأنه سنة جارية . كما أن النفوس قد جبلت على هذا حتى في الجاهلية وقبل نزول النصوص الشرعية حيث قالت خديجة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم عندما رجع من غار حراء وقد رأى جبريل عليه السلام في منظر مهيب خاف منه على نفسه فقالت له: والله لن يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتقري الضيف وتكسب المعدوم وتحمل الكل وتعين على نوائب الحق! ولاشك أن النصوص لاتتعارض, وأن سنن الله ماضية في الأولين والآخرين وأن أحوال الأمة بحسب علاقتها مع ربها وبارئها , بل إن الأمر يتعدى إلى مستوى الفرد فضلا عن مستوى الأمة , وهذا مشاهد ومعلوم, بل وقد فطرت النفوس عليه ويذكر تعالى أحوال الناس في حياتهم بل وحتى عند مماتهم واحتضارهم وسهولة خروج أرواحهم وأن الناس لايستوون في ذلك وأن الذي لايفهم هذه المعاني ولايدركها ولايربط مايحصل مع الناس مع مايكسبون ومايكتسبون هم الذين أغرقوا أنفسهم بالسيئات والمنكرات ويظنون أن الأمور فوضى خبط عشواء فعميت بصائرهم عن حكمة الله وعدله وجزائه وظهور شيء من عقابه في الدنيا فيقول سبحانه{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ } يقول التابعي جبير بن نفير: (ولما فتحت قبرص وأخذ منها السبي نظرت إلى أبي الدرداء يبكي ، فقلت : مايبكيك في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله ، وأذل الكفر وأهله ، قال : فضرب منكبي بيده ، وقال : ثكلتك أمك ياجبير ، ما أهون الخلق على الله إذا تركوا أمره ، بينما هي أمة ظاهرة قاهرة للناس لهم الملك ، إذ تركوا أمر الله فصاروا إلى ماترى ، فسلط الله عليهم السباء ، وإذا سلط الله السباء على قوم فليس له فيهم حاجة .) فالله سبحانه لايمكن أمة ولاينصرها مالم يكن في نفوسها نصرة الله وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة و الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. فهذه مقومات النصر والتمكين في كل زمان ومكان دون اعتبار اللون أو اللغة أو النسب أو المال.