من أصعب الأشياء على النفس, وأمرها فقد عزيز فكيف لو كان الفقد لأعز عزيز وأغلى إنسان وهي الأم الرؤوم, في فجر الخميس الماضي بعد أن أدت صلاة الفجر وسبّحت كثيرا فاضت روحها الطاهرة إلى بارئها .. وهذا حال الناس جميعا, وكل من عليها فان ويبقي وجه ربك ذي الجلال والإكرام .. كانت تمحضنا بودها وحبها وعطفها وحنانها , كانت تضئ المنزل بنور وجهها , عاشت أشهرا تتجرع المرض.. تخفي ألمها لتبدوا أمامنا بأنها بأتم صحة وأحسن حال, شاركت عشية وداعها أفراد الأسرة بالابتسامة الصادقة والحديث الودود عن الماضي والحاضر , يفيض لسانها بتراتيل الدعاء, بأن يوفق الله الجميع ويسهل أمورهم, ويجعل النجاح حليفهم, لسانها رطب بذكر الله , صائمة ,تائبة , مؤمنة , سخية تعطي الجميع, من شاهد جنازتها يدرك مقدار الحب الذي يكنه الجميع لها, نساء وأطفالا, قضت عدة أشهر تؤمن فقط أن الشفاء بيد الله لذا لم تشعر أبدا بأن هناك خسارة حين ترفض العلاج. وفي ليله وداعها الأخيرة كان لعينيها وميضا مختلفا, ولوجها ضياء مميزا, وكأنها تستعجل الرحيل إلى مقر أفضل جنه الخلد إن شاء الله. رحم الله والدتنا عزيز بنت علي سالم, تلك الأم الفاضلة عاشت تغدق على الجميع بودها وعطفها غرست في نفوس أبنائها وبناتها حب الآخرين .. التسامح ..البشاشة ..مواساة المحزونين.. لم تتلق تلك القيم في إحدى الجامعات, بل فُطرت عليها واكتسبتها من المجتمع القروي النظيف . وحين رحلت من دنيانا إلى الآخرة ندرك أن كل ما يصيب الإنسان قضاء وقدر من الله عز وجل وأن كل مصيبة للمؤمن لا تخلو من ثواب ومغفرة أو تمحيص, أو رفعة شأن, أو دفع بلاء, ومن عند الله خير وأبقى. رحم الله فقيدتنا واسكنها فسيح جناته اللهم وسع مُدخلها, وأكرم نزلها, ونور قبرها, وأنس وحشتها, وأغسلها بالماء والثلج والبرد, ونقها من الذنوب والخطايا, كما تنقي الثوب الأبيض من الدنس, وثبتها على الحق, وأطعمها من طعام أهل الجنة, واسقها من حوض نبيك المورود, اللهم آمين . ** شكرا لكل من واسانا شكرا لصاحب السمو الملكي الأمير مشاري بن سعود بن عبدالعزيز أمير منطقه الباحة الذي أكد أن الحزن مشترك مثلما يكون الفرح مشترك فجزاه الله خيرا وكتب له الأجر والثواب. شكرا لصاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن محمد بن سعود نائب أمير منطقة الباحة على مواساته وكلماته التي خففت عنا الكثير, شكرا لأصحاب السمو الملكي الأمراء والأميرات الذين قدموا تعازيهم لأسرتنا. شكرا لمعالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز بن محيي الدين خوجه على مشاعره الفياضة التي جاءت في برقية العزاء,شكرا لأصحاب الفضيلة وأصحاب السعادة ,شكرا لكل من واسانا رجالا ونساء, حضورا إلى المنزل أو اتصالا بالهاتف . ندعو الله عز وجل أن يحفظ الجميع من كل مكروه.. وإنا لله وإنا أليه راجعون.